"التضحية برقبة الأسد في سوريا".. صقور "الكونجرس" تخطط لاغتيال الرئيس السوري.. روسيا تستعد بأخطر تسليح عسكري في تاريخها.. وخبراء: "كل السيناريوهات مطروحة"
"هل تحل واشنطن الأزمة السورية باغتيال الأسد؟".. سؤال مُباغت ومرعب لاحق الأزمة السورية منذ اندلاعها في 2011، إلا أنه بدأ مؤخرًا يُطرح بشدة على طاولة المباحثات الأمريكية الرسمية في خطوة غير متوقعة، بعد الإخفاق والحرج الدولي الذي تعرضت له واشنطن خلال الفترة الأخيرة في مفاوضاتها مع الجانب الروسي بشأن الأزمة.
"أمريكا في سوريا"
بداية.. كانت الولايات المتحدة الأمريكية أولى الدول التي تمسكت بأطروحة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم حلًا للأزمة، بدأت سعيها لذلك بالتنديد بجرائمه في سوريا، والدعوة لوقف العنف المتبادل، حتى تطور في دعم المعارضة المسلحة التي تصفها دومًا بالمعتدلة.
وخاضت واشنطن مفاوضات عدة مع غريمتها الروسية بقيادة فلاديمير بوتين، الذي يساند "الأسد" ويدعم بقاؤه في سوريا، ووصل إلى حد التدخل في دمشق بدعوى محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وتقديم الدعم الكامل للمعارضة من أجل إسقاط الرئيس السوري.
"إغتيال الأسد"
ويبدو أن طريق المفاوضات لم يرق للإدارة الأمريكية، التي بحثت عن حلول أكثر قسوة من أجل تحقيق هدفها برحيل الأسد، وتمثلت فيما كشفت عنه مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بأن صقور الكونجرس الأمريكي - في إشارة إلى كبار رجال الدولة والعسكريين- بحثوا خلال إحدى جلساتهم مقترح إغتيال الأسد حلًا للأزمة.
الاقتراح المفاجيء جاء خلال جلسة مغلقة بالكونجرس نظمها مجلس العلاقات الدولية، طرحها النائب "دوج لامبرون" ولاقت ترحيب عدد لا بأس به من الأعضاء، إلا الخبير "فيليب جوردن" المنسق السابق في البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، رفض هذه الفكرة باعتبارها غير شرعية وغير فعالة في آن واحد.
ونوهت المجلة، إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تبحث عن حلول أكثر عدوانية لإنهاء الأزمة المستمرة منذ نحو 6 سنوات، بما في ذلك عمليات عسكرية لزيادة الضغط على حكومة الأسد والقوات الروسية بغية دفع عملية الانتقال السياسي إلى الأمام.
والأخطر من ذلك، تصريح مساعد "لامبرون" الذي أكد فيه أن فكرة اغتيال الأسد التي طرحها ليس رأيًا شخصيًا ولكن يعكس موقف الكونجرس الأمريكي من الأزمة السورية مؤخرًا.
"مؤشرات سابقة"
تبني واشنطن ذلك المقترح لم يكن بجديد، فقد سبق ودلت عدة مؤشرات على أن الطيران الأمريكي يستهدف الرئيس السوري ولكن بشكل غير رسمي، فقد سبق خلال مطلع العام الحالي، كشف موقع "تابناك"، المقرب من الحرس الثوري الإيراني، عن مخطط أمريكي، يشرف عليه وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" يقضي باغتيال الرئيس السوري.
وعلل وقتها الموقع اتجاه أمريكا لذلك الحل، بإن وجهات النظر حول الأزمة السورية بين موسكو وواشنطن أصبحت معقدة ولن تأتي المفاوضات بجديد، في الوقت الذي تتمسك فيه أمريكا بالتخلص من الأسد، مؤكدًا أن مصيره بات معلقًا في الهواء.
وفي آواخر عام 2015، حدثت واقعة أخطر، كشفها العميد ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، حين تحدث عن إحباط الجيش الروسي لمخطط كان يهدف لقصف جوي "لقصر الشعب" في دمشق، مقر إقامة "الأسد".
ومنذ تلك اللحظة، عمد الرئيس الروسي إلى تواجد طائرتين من طراز "سوخوي" جاهزتين في قاعدة اللاذقية للإقلاع في ثوان وإسقاط أي محاولة التي تهدف إلى قصف قصر الشعب، ونسبت وقتها وسائل إعلام روسية الواقعة للطيران الأمريكي.
وخلال عام 2011، تحدثت صحيفة "المنار" اللبنانية، عن مخطط تركي أمريكي، لإغتيال الرئيس السوري، وقتما كانت أنقرة تقف في حلف مناهضي الأسد، بل أكدت الجريدة أن المخابرات الأمريكية تتواصل مع بعض السوريين المعارضين له من أجل تنفيذ مخططها.
وتأكيدًأ على ذلك فقد سبق لـ"أليوت أبرامز"، وهو مستشار الأمن القومي الأمريكي، أن كتب في مجلة "فورين بوليسي" متحدثًا عن الاغتيال باعتباره أحد أهم الوسائل الممكنة لنهاية النظام السوري، مشيرًا إلى أنه يعد مكسبًا كبيرًا للولايات المتحدة، لأنه يستضيف حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، وكان له دور كبير في مساعدة المناهضين للاحتلال الأمريكي في العراق.
"التسليح الروسي"
ويُمكننا ربط مخطط أمريكا لاغتيال الأسد، بسعي غريمتها الروسية إلى غربلة تسليح قوتها في سوريا، وأزاحت مؤخرًا الستار عن أسلحتها العسكرية الجديدة والقنابل الحديثة التي طورها الجيش الروسي وشارك ببعض منها في الحرب التي يشنها على المعارضة السورية.
وكانت أخر هذه الأسلحة التي كشفت عنها موسكو الصاروخ المدمر الجديد العابر للقارات من منظومة "سارمات – أر إس 28"، الذي أطلقت عليه روسيا "ملك الصواريخ"، وسيحل مكان منظومة الصواريخ "أر-36 إم".
"مرسوم أمريكي"
بيد أن هناك عائقًا يقف في وجه واشنطن لتنفيذ ذلك الاقتراح، فقد صدرعام 1976 مرسوم عن الرئيس "جيرالد فورد" يحظر مشاركة مسؤولي الحكومة الأمريكية في تدبير عمليات اغتيال سياسية، وذلك بعد تسريب معلومات عن خطط وكالة الاستخبارات المركزية لاغتيال الرئيس الكوبي فيديل كاسترو وقتها.
"سيناريوهات مطروحة"
وعن ذلك المخطط، يقول الدكتور الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن كل السيناريوهات مطروحة في الأرض السورية، وكل الأطراف تسعى في الوقت الحالي لتحقيق أهدافها بشتى الطرق، إلا أن الشواهد جميعها تؤكد أن الأسد لن يستمر في الحكم بنفس الشكل.
ويضيف: "أن فكرة اغتيال الأسد ستُحدث فوضى كبرى في سوريا، وتُمكن إيران وروسيا منها أكثر، لكن الحل الذي ستسعى إليه كل الأطراف هو وجود مرحلة انتقالية يكون الأسد فيها طرفًا لا يمكن إغفاله، تحدد مصيره كلًا من روسيا وأمريكا".
ويوضح أن أمريكا لن تتحمل تبعات اغتياله، فضلًا عن أنه لا يعني انهيار النظام، في ظل حماية كبرى تضمنها إيران وروسيا للأسد وعائلته، لافتًا إلى أن التعصب الأمريكي تجاه فكرة اغتياله ليس إلا لتخويف الجانب الروسي المسلح.
"مزيدًا من الفوضى"
ويرى اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، أن الاستخبارات الأمريكية لديها القدرة والإمكانيات والمعلومات على تنفيذ ذلك السيناريو، رغم التسليح الروسي الجيد والحماية الموجودة على قصر الشعب في دمشق، لاسيما أن تاريخ أمريكا مليء بعمليات الاغتيال الخفية والعلنية للكثيرون.
ويشير إلى أن فكرة اغتيال الأسد لا تحل الأزمة بل تعمقها، وتزيد من مشهد الفوضى السوري، بسبب تصارع القوى عليها بعد ذلك بما فيهم أمريكا وتزيد من نفوذ روسيا وإيران لأنهما أحكما قبضتهما في الوقت الحالي على النفوذ السوري بشكل كبير.
ويختتم: "أن اقتراح الكونجرس من المتوقع أن يتم رفضه من الإدارة الأمريكية المقبلة، لأنها لا تهدف إلى التورط في عملية كبرى كهذه، فضلًا عن أن الأزمة السورية ليست محصورة على دولة واحدة، ولكن يشترك فيها قوى إقليمية كبرى لن تستطيع واشنطن تحمل تبعات الأمر".