رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏"التضحية برقبة الأسد في سوريا"..‏‎ ‎صقور "الكونجرس" تخطط لاغتيال الرئيس السوري.. روسيا تستعد ‏بأخطر تسليح عسكري في تاريخها.. وخبراء: "كل السيناريوهات مطروحة"‏

جريدة الدستور

‏"هل تحل واشنطن الأزمة السورية باغتيال الأسد؟".. سؤال مُباغت ومرعب لاحق الأزمة السورية منذ ‏اندلاعها في 2011، إلا أنه بدأ مؤخرًا يُطرح بشدة على طاولة المباحثات الأمريكية الرسمية في خطوة ‏غير متوقعة، بعد الإخفاق والحرج الدولي الذي تعرضت له واشنطن خلال الفترة الأخيرة في مفاوضاتها ‏مع الجانب الروسي بشأن الأزمة.‏

‏"أمريكا في سوريا"‏
بداية.. كانت الولايات المتحدة الأمريكية أولى الدول التي تمسكت بأطروحة رحيل الرئيس السوري بشار ‏الأسد عن الحكم حلًا للأزمة، بدأت سعيها لذلك بالتنديد بجرائمه في سوريا، والدعوة لوقف العنف المتبادل، حتى تطور ‏في دعم المعارضة المسلحة التي تصفها دومًا بالمعتدلة.‏

وخاضت واشنطن مفاوضات عدة مع غريمتها الروسية بقيادة فلاديمير بوتين، الذي يساند "الأسد" ويدعم ‏بقاؤه في سوريا، ووصل إلى حد التدخل في دمشق بدعوى محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وتقديم الدعم ‏الكامل للمعارضة من أجل إسقاط الرئيس السوري.‏

‏"إغتيال الأسد"‏
ويبدو أن طريق المفاوضات لم يرق للإدارة الأمريكية، التي بحثت عن حلول أكثر قسوة من أجل تحقيق هدفها ‏برحيل الأسد، وتمثلت فيما كشفت عنه مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بأن صقور الكونجرس الأمريكي ‏‏- في إشارة إلى كبار رجال الدولة والعسكريين- بحثوا خلال إحدى جلساتهم مقترح إغتيال الأسد حلًا ‏للأزمة.‏

الاقتراح المفاجيء جاء خلال جلسة مغلقة بالكونجرس نظمها مجلس العلاقات الدولية، طرحها النائب ‏‏"دوج لامبرون" ولاقت ترحيب عدد لا بأس به من الأعضاء، إلا الخبير "فيليب جوردن" المنسق السابق ‏في البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، رفض هذه الفكرة باعتبارها غير شرعية وغير فعالة في آن ‏واحد‎.‎

ونوهت المجلة، إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تبحث عن حلول أكثر عدوانية لإنهاء الأزمة المستمرة ‏منذ نحو 6 سنوات، بما في ذلك عمليات عسكرية لزيادة الضغط على حكومة الأسد والقوات الروسية بغية ‏دفع عملية الانتقال السياسي إلى الأمام‎.‎

‏والأخطر من ذلك، تصريح مساعد "لامبرون" الذي أكد فيه أن فكرة اغتيال الأسد التي طرحها ليس رأيًا ‏شخصيًا ولكن يعكس موقف الكونجرس الأمريكي من الأزمة السورية مؤخرًا.‏

‏"مؤشرات سابقة"‏
تبني واشنطن ذلك المقترح لم يكن بجديد، فقد سبق ودلت عدة مؤشرات على أن الطيران الأمريكي ‏يستهدف الرئيس السوري ولكن بشكل غير رسمي، فقد سبق خلال مطلع العام الحالي، كشف موقع ‏‏"تابناك"، المقرب من الحرس الثوري الإيراني، عن مخطط أمريكي، ‏يشرف عليه وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" يقضي باغتيال الرئيس السوري‎.‎

وعلل وقتها الموقع اتجاه أمريكا لذلك الحل، بإن وجهات النظر حول الأزمة السورية بين موسكو ‏وواشنطن أصبحت معقدة ولن تأتي المفاوضات بجديد، في الوقت الذي تتمسك فيه أمريكا بالتخلص من ‏الأسد، مؤكدًا أن مصيره بات معلقًا في الهواء.‏

وفي آواخر عام 2015، حدثت واقعة أخطر، كشفها العميد ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، حين ‏تحدث عن إحباط الجيش الروسي لمخطط كان يهدف لقصف جوي "لقصر الشعب" في دمشق، مقر إقامة‎ ‎‏ ‏‏"الأسد".

ومنذ تلك اللحظة، عمد الرئيس الروسي إلى تواجد طائرتين من طراز "سوخوي" جاهزتين في قاعدة ‏اللاذقية للإقلاع في ثوان وإسقاط أي محاولة التي تهدف إلى قصف قصر الشعب، ونسبت وقتها وسائل ‏إعلام روسية الواقعة للطيران الأمريكي.‏

وخلال عام 2011، تحدثت صحيفة "المنار" اللبنانية، عن مخطط تركي أمريكي، لإغتيال الرئيس ‏السوري، وقتما كانت أنقرة تقف في حلف مناهضي الأسد، بل أكدت الجريدة أن المخابرات الأمريكية ‏تتواصل مع بعض السوريين المعارضين له من أجل تنفيذ مخططها.‏‎

وتأكيدًأ على ذلك فقد سبق لـ"أليوت أبرامز"، وهو مستشار الأمن القومي الأمريكي، أن كتب في مجلة ‏‏"فورين بوليسي" متحدثًا عن الاغتيال باعتباره أحد أهم الوسائل الممكنة لنهاية النظام السوري، مشيرًا ‏إلى أنه يعد مكسبًا كبيرًا للولايات المتحدة، لأنه يستضيف حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية، وكان له ‏دور كبير في مساعدة المناهضين للاحتلال الأمريكي في العراق.‏‎

‏"التسليح الروسي"‏
ويُمكننا ربط مخطط أمريكا لاغتيال الأسد، بسعي غريمتها الروسية إلى غربلة تسليح قوتها في سوريا، وأزاحت مؤخرًا الستار عن أسلحتها العسكرية الجديدة والقنابل الحديثة التي طورها الجيش ‏الروسي وشارك ببعض منها في الحرب التي يشنها على المعارضة السورية.‏

وكانت أخر هذه الأسلحة التي كشفت عنها موسكو الصاروخ المدمر الجديد العابر للقارات من منظومة ‏‏"سارمات – أر إس 28"، الذي أطلقت عليه روسيا "ملك الصواريخ"، وسيحل مكان منظومة الصواريخ ‏‏"أر-36 إم".‏

‏"مرسوم أمريكي"‏
بيد أن هناك عائقًا يقف في وجه واشنطن لتنفيذ ذلك الاقتراح، فقد صدرعام 1976 مرسوم عن الرئيس ‏‏"جيرالد فورد" يحظر مشاركة مسؤولي الحكومة الأمريكية في تدبير عمليات اغتيال سياسية، وذلك بعد ‏تسريب معلومات عن خطط وكالة الاستخبارات المركزية لاغتيال الرئيس الكوبي فيديل كاسترو وقتها.

‏"سيناريوهات مطروحة"‏
وعن ذلك المخطط، يقول الدكتور الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن كل السيناريوهات مطروحة ‏في الأرض السورية، وكل الأطراف تسعى في الوقت الحالي لتحقيق أهدافها بشتى الطرق، إلا أن الشواهد ‏جميعها تؤكد أن الأسد لن يستمر في الحكم بنفس الشكل.‏

ويضيف: "أن فكرة اغتيال الأسد ستُحدث فوضى كبرى في سوريا، وتُمكن إيران وروسيا منها أكثر، لكن ‏الحل الذي ستسعى إليه كل الأطراف هو وجود ‏مرحلة انتقالية يكون الأسد فيها طرفًا لا يمكن إغفاله، تحدد ‏مصيره كلًا من روسيا وأمريكا".‏‎

ويوضح أن أمريكا لن تتحمل تبعات اغتياله، فضلًا عن أنه لا يعني انهيار النظام، في ظل حماية كبرى ‏تضمنها إيران وروسيا للأسد وعائلته، لافتًا إلى أن التعصب الأمريكي تجاه فكرة اغتياله ليس إلا لتخويف ‏الجانب الروسي المسلح.‏

‏"مزيدًا من الفوضى"‏
ويرى اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، أن الاستخبارات الأمريكية لديها القدرة والإمكانيات والمعلومات ‏على تنفيذ ذلك السيناريو، رغم التسليح الروسي الجيد والحماية الموجودة على قصر الشعب في دمشق، ‏لاسيما أن تاريخ أمريكا مليء بعمليات الاغتيال الخفية والعلنية للكثيرون.‏

ويشير إلى أن فكرة اغتيال الأسد لا تحل الأزمة بل تعمقها، وتزيد من مشهد الفوضى السوري، بسبب ‏تصارع القوى عليها بعد ذلك بما فيهم أمريكا وتزيد من نفوذ روسيا وإيران لأنهما أحكما قبضتهما في ‏الوقت الحالي على النفوذ السوري بشكل كبير.‏

ويختتم: "أن اقتراح الكونجرس من المتوقع أن يتم رفضه من الإدارة الأمريكية المقبلة، لأنها لا تهدف إلى ‏التورط في عملية كبرى كهذه، فضلًا عن أن الأزمة السورية ليست محصورة على دولة واحدة، ولكن ‏يشترك فيها قوى إقليمية كبرى لن تستطيع واشنطن تحمل تبعات الأمر".‏