رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يخرج "حزب الرئيس" إلى النور؟ .. النخبة تغازل السيسي بتأسيس كيان حزبي تحت قيادته.. وسياسيون: فكرة انتهازية فاسدة وتنفيذها "شهادة وفاة" للحياة السياسية

جريدة الدستور

من حين لآخر تخرج أصوات خافته بين صفوف النخبة لتعيد إلي أطروحه حزب الرئيس بريقها بعد أن فقدته علي مدار تجارب متعددة باءت جميعها بالفشل، بداية من تجربة الاتحاد الاشتراكي إبان الحقبة الناصرية، وتجربة الهيمنة المطلقة على الحياة السياسية التي قادها الحزب الوطني الحاكم، وأدت إلى احتجاجات شعبية حاشدة أطاحت في عام 2011 بنظام مبارك.

وتأتي الدعوات تلك المرة، تزامنًا مع مؤتمر الشباب القومي الأول المزمع إنعقاده غدًا الثلاثاء بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى ويأتى انعكاسا لاهتمامه بالشباب واستطلاع رؤاهم تجاه المستقبل وفتح قناة تواصل فعالة بين الحكومة والشباب لتفعيل دورهم فى تنفيذ رؤية مصر ٢٠٣٠ ومشاركتهم فى الانتخابات المحلية والتصدى للفساد.

وبين هذه الدعوات خرجت هدى عبد الناصر، ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بمقترح قبل أيام دعت خلاله الرئيس السيسى إلى إنشاء حزب سياسي لإعطاء المواطنين فرصة المشاركة السياسية والتمكين من الاختيار السياسي من خلال الاحتكاك بالناس والقيام بالواجب الوطني بما يحقق الأهداف الديمقراطية، حسب قولها.

وسبقها دعوة مماثلة أطلقها عضو مجلس النواب والإعلامي مصطفى بكري في أغسطس الماضي، طالب فيها الرئيس بضرورة تأسيس حزب سياسي قوي للدولة المصرية بمؤسساتها، معلقًا: "مش عيب رئيس الدولة ينضم لحزب سياسي وده موجود في كل الدنيا ولازم يكون عندنا قوة حقيقية".

أضاف بكري، خلال برنامجه المذاع على فضائية "صدى البلد": "الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة لازم يكون لها حزب قوي عشان أمضي بالبلد لقدام".

لكن الرئيس حاول خلال الفترة الماضية، تفادي فكرة إنشاء حزب سياسي خوفًا من تكرار أخطاء الماضي، فخرج معلنًا رفضه الأمر في عدة لقاءات إعلامية، كان آخرها، لقاؤه بشباب الإعلاميين في ديسمبر قبل الماضي، حينما جدد رفضه تأسيس حزب سياسي، على خلفية سؤال أحد شباب الإعلاميين له عن غياب السياسة عن الساحة المصرية وضعف الحياة الحزبية والتركيبة المتوقعة للبرلمان المقبل، حيث علق قائلا:"عايز الشعب يخوض التجربة وأثق في وعيه واختياره".

وإزاء تلك الدعوات، أكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تأسيس حزب تحت قيادة الرئيس يقضي علي التجربة الحزبية في مصر، ولن يؤدي إلي أي تحول ديموقراطي، واصفًا مثل تلك الدعوات بالفاسدة والإنتهازية، والتي تفصح عن موضوع تم تجربته من قبل ولكنه فشل وانهار سريعًا.

وأضاف نافعة، في تصريح لـ"الدستور"، أنه عندما يشكل حزب يحظي بدعم الرئيس سرعان ما يهرع كل المنافقين والراغبين في الإستفادة من سلطة الرئيس، وليس بالضرورة المؤمنين بمبادؤه و أفكاره، بخلاف ان الأمر غير طبيعي ويخالف المتعارف عليه من أن يأتي الحزب بالرئيس الي السلطة وليس العكس.

وتابع: أنصح الرئيس أن يعدل عن الفكرة ويجعل من نفسه حكمًا فوق الأحزاب والمؤسسات، ويتعامل معها علي قدم المساواه، فلا يقرب حزبًا ويبعد آخر، أو يؤيد واحد علي حساب آخرين.


واتفق معه جمال أسعد المحلل السياسي، الذي أعرب عن رفضه لفكرة تأسيس حزب سياسي بقيادة الرئيس، معتبرًا ذلك بمثابة تشييع الحياة الحزبية إلي مثواها الأخير بعد القضاء عليها تمامًا بمثل تلك الدعوات، مضيفًا أن الفكرة استنساخ لتجارب سابقة ثبت فشلها.

وأشار أسعد، في تصريح لـ"الدستور"، إلي أن حزب الرئيس أمر مخالف لأبسط مبادئ الديموقراطية أن فكرة تأسيس حزب تحت قيادة الرئيس لا توجد في الديموقراطية والحياة الحزبية سواء في وقت الحزب الواحد الحاكم إبان الحكم الإشتراكي أو التعددية المنضبطة في عهد السادات ومبارك.

وأكد أسعد أن مصر لم يكن بها حياة سياسية حزبية بالمعني الحقيقي علي مدار العقود الماضية، لاسيما وأن الحياة الحزبية كانت منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر تربط بأشخاص بعينهم وتحكمها الشللية، وفي المقابل لم نجد حزبًا واحدًا يعتمد علي برنامجه السياسي ويحدث تنافش علي تلك البرامج بإستثناء فترات معدودة.

وأضاف الخبير السياسي أن التجربة الحزبية في مصر أثبتت فشلها بعد أن تحولت الكيانات الحزبية إلي مجرد جمعيات دفن موتي، لا يتعدي دورها مجرد موالاة السلطة بداية من الإتحاد الإشتراكي الذي كان يوالي السلطة ومرورا بالحزب الوطني الذي دأب علي منافقة السلطة، وأخيرا دعم مصر الذي استكمل المسيرة ذاتها طمعًا في تحقيق مكاسب شخصية.

وشدد علي أن الوضع الراهن يحتاج إلي تقليص عدد االأحزاب إلي ما لا يتعدي خمسة أحزاب فقط يمارسون عملًا حقيقيًا في الشارع من خلال برامج محددة بالإعتماد علي كوادر ولقاءات جماهيرية، لتهيئة مناخ سيساي لكي تظهر أحزاب حقيقية.

وأشار الي أن المؤتمر المرتقب مع الشباب لا تخرج عن كونه مغازلة للشباب، الذين تعتقد أنهم يعبرون عن مواقف قطاع عريض من الشعب المصري إزاء النظام الحالي، فهناك نحو 40 مليون شاب ليس لهم علاقة بالنخبة المختارة من الطلبة والعاطلين يجب ان تتعامل معهم الدولة وتعدهم للإندماج في الحياة الحزبية.