رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين شياطين الحزب الوطني المنحل؟.. "مبارك" ينعم بالبراءات في المعادي العسكري.. "سرور" ‏يختفي عن الأنظار.. و"أحمد عز" يلعب على كل الأحبال.. و83 عضوًا منهم داخل البرلمان

جريدة الدستور

على ضفاف النيل، وتحديدًا في قلب ميدان عبدالمنعم رياض، يقف مبنى الفساد الأول في مصر، تشوبه ‏الحرائق في بعض طبقاته، ويتخلله الهدم في البعض الآخر، بعدما تجاوز عمره الـ 83 عامًا، حيث تحل ‏ذكرى تأسيسه اليوم، ويضاف عامًا جديدًا إليه.‏

هو الحزب الوطني الديمقراطي، منبع الفساد الأول في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي حوى ‏رجاله وتستر على فسادهم في أركانه، وكان بمثابة قشة دفعت الجماهير للانفجار في وجههم واشعال ثورة ‏‏25 يناير في البلاد، بعد تفشي عمليات التزوير نوابه في انتخابات مجلس الشعب عام 2005.‏

ويبادر للأذهان مع ذكرى تأسيس هذا المبنى العريق تساؤل: "أين هم رجال الحزب الوطني؟".. إنهم ‏مشتتون في بقاع مصر، بين مسجون اتهم بالقتل وإراقة الدماء وينعم بأحكام البراة، ومختفي عن الأنظار، وثالث يلعب ‏على كل الأحبال.‏

‏"محمد حسني مبارك"‏
كانت بداية "مبارك" بالحزب الوطني عام 1981، حينما توفى الرئيس محمد أنور السادات، وترأس من بعده ‏الأول الحزب، ومن هنا بدأت الشبهات تدور حول فساد قياداته، لاسيما مع ظهور نجله جمال ‏مبارك على الساحة السياسية، ونشأة صراع بين القيادات القديمة والجديدة، الذي انتهى ببسط الأخير ‏سيطرته على الحزب‎.‎

وفي عهد مبارك، لم يعرف نواب الحزب الوطني سوى التزوير طريقًا للفوز بمقاعد البرلمان، حيث ‏استطاع الحزب عام 2002 حصد مقاعد كثيرة في مجلس الشعب، وصلت إلى 388 مقعدًا، لكن هذا العدد ‏تراجع في 2005 وحصل على 311 مقعدًا، وفي 2010 اكتسح بأغلبية كبيرة وصلت إلى 97% من ‏مقاعد مجلس الشعب‎.‎

وكانت تلك الأغلبية التي دارت حولها شبهات الفساد والتزوير، إلى جانب مقتل الشاب خالد سعيد على يد ‏قوات الشرطة في الإسكندرية، جذوة النار التي اشعلت ثورة 25 يناير، وتعرض الحزب خلال يوم "جمعة ‏الغضب" إلى اجتياج مئات الثوار له مطالبين برحيل" مبارك" ورجاله الفاسدين‎.‎

وكانت نهاية الحزب عندما قام المتظاهرون بحرق مقره بالقاهرة، وإلقاء زجاجات المولوتوف بداخله، ‏وتوالت الاقتحامات لأفرع الحزب بالمحافظات التي تم نهبها وإشعال النيران بالمباني اللاحقة له، وتلاها ‏نجاح الثورة بخلع "مبارك" والزج به وراء القضبان يواجه اتهامات بالقتل والفساد.‏

وظلت القضايا تدور في محاكم المحروسة المختلفة، ما بين حكمًا وطعنًا واستئنافًا، حتى فوجىء الرأي ‏العام بسيل من البراءات تنهال على الرئيس الأسبق، أبرزها قضية القرن، والفساد المالي، وهدايا الأهرام، ‏ويقبع حاليًا في مستشفى المعادي العسكري.‏

‏"أحمد عز"‏
أما ثعلب السياسة "أحمد عز" أمين عام الحزب الوطني، الذي سعى في الأرض فسادًا خلال عهد ‏‏"مبارك"، وآثارت ثروته قبل رحيل النظام جدلًا واسعًا في الشارع المصري، وتعرض لكثير من ‏الإتهامات بالفساد وتكوين ثروة طائلة تقارب 18 مليار جنيه مصري، تعمد اللعب على كل الأحبال.

عز، بزغ نجمه في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، ساهم في تمكين رموز "مبارك" والسيطرة ‏على مقدرات البلاد واحتكار مواردها، من خلال صفقات بيع المصانع العملاقة التي بناها الرئيس جمال ‏عبدالناصر في الستينيات تحت اسم الخصخصة والاستثمار، حتى تخلص من شركات القطاع العام.‏

وحين أطاحت ثورة يناير بالنظام، ظن الكثيرون أن أسطورته قد انتهت، بعد إلقاء القبض عليه بتهمة ‏الاستيلاء على المال العام، ولكن بعد 43 شهرًا قضاها بين جدران السجن، خرج ‏إلى بيته وشركاته وسدد مبلغ 10 ملايين جنيه.‏

وظل من يومها يلعب على كل الأحبال، تارة يعلن الترشح في انتخابات مجلس الشعب العام الجاري، وتارة أخرى يظهر في برامج التو شو، باكيًا على ‏الاتهامات التي كالها له الرأي العام، وفي آخر صيحاته كتب مقالًا بقلمه وضع فيه خلاصة خبراته لانقاذ ‏الاقتصاد المصري تحت عنوان: "دعوة للتفاؤل".‏

‏"فتحي سرور"‏
واحد من قضبان سفينة الحزب الوطني الغارقة، وعضو المكتب السياسي للحزب لأكثر من 20 عامًا، ‏والذي كان يقود الجميع فهو سيد مكانه، يجلس على كرسيه العالي مرتديًا بذلته الأنيقة، ليدير جلسات السلطة التشريعية بالموافقات وبالإجماع لكل القرارات التي ‏تورد إليه من الرئيس والحكومة.‏

لكن دوام الحال من المحال، ففقد كل صلاحياته ونفوذه بين عشية وضحاها، وأطاحت به ثورة يناير، وتم ‏الزج به في السجن ليواجه اتهامات الفساد وإهدار المال والكسب غير المشروع والتحريض على موقعة ‏الجمل، حتى تم تبرأته من كل التهك الموجه.‏

وسجل أول ظهور له إلى الأضواء بعد ذلك، قرار من الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعى، ‏الذي يقضي بعودة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي التي يرأس "سرور" بعد قرار حلها السابق، ‏والتي حضر فيها رئيس مجلس العشب السابق أحد المؤتمرات.‏

ومن ثم فضل الاختفاء عن الأنظار والابتعاد عن عوالم السياسة، ألا أن شائعات عودته ظلت تحاصره ‏حتى الآن، ولكنه أعلن أكثر من مرة أنه بات يكره الحياه السياسية برمتها، أن دورة حياته لا تخرج عن ‏العكوف في ‏منزله، والإقامة لفترات طويلة داخله.‏

‏"صفوت الشريف"‏
هو الرجل الثاني في دولة الإمبراطور، كان أمينًا عامًا للحزب الوطني، وأحد مؤسيسينه، واحتل صفوت ‏الشريف وزيرًا للإعلام لمدة 22 عامًا،وهو ما جلعه لغزًا في الحياة السياسية، بسبب احتفاظه بموقعه المتقدم ‏في الدائرة المحيطة بمبارك منذ مجيئه إلى السلطة حتى ثورة يناير. ‏

كان الشريف يمتلك جميع خيوط اللعبة السياسية، يحرك الأحداث كيفما يشاء، يسعى طوال ‏فترته في الحياة السياسية للحفاظ على استقرار الحياة السياسية كما هي دون إصلاح، وأجهض جميع ‏المحاولات التي بذلتها قوى المعارضة لميلاد دستور جديد.‏

مع قيام ثورة يناير قضت على إمبراطور السياسية والرجل الثاني في مصر، وكان آخر ظهور له وقتها ‏حين قال جملته الشهيرة: " إن رجال الحزب لا يهربون ولا يتخلون عن مناصبهم"، ولكن تم القبض ‏عليه، ومحاكمته في ‏قضية قتل المتظاهرين، والكسب غير المشروع، وحصل على البراءة فيهما ليختفي ‏عن الأنظار أيضًا.‏

في "كمبوند بيفرلي هيلز" بالقاهرة الجديدة، يعكف الشريف لكتابة مذاكراته، وفقًا لآخر المعلومات ‏التي ‏تداولت عنه، والتي يكبتها بشأن فترة توليه وزارة الإعلام ورئاسة مجلس الشورى وأمانة الحزب ‏الوطني، ‏ويتحدث فيها عن فترة عمله بالمخابرات، وقصة قضية انحراف المخابرات الكبرى، التي أبعد ‏بعدها من ‏الجهاز.‏

‏"يوسف والي"‏
وآخرهم يوسف والي، أحد أعضاء الحزب المؤثرين وقتها، وأكثرهم فسادًا، وظل نحو 20 عامًا داخل ‏المطبع السياسي والحزبي للنظام وكان شريكًا وصانعًا في الكثير من القرارات مع القيادة السياسية وقت ‏حكم مبارك.‏

تولى وزارة الزراعة، وخرج منهما متهمًا في قضية "المبيدات المسرطنة" وأرض البياضة التي لازال ‏يحاكم فيهما حتى الآن.‏

‏"قيادات أخرى"‏
وهناك أيضًا الكثير من فاسدي الحزب ولكنه لم يكونوا مؤثرين بتلك الدرجة، أمثال محمد رجب، وطلعت ‏السادات، ومفيد شهاب، عائشة عبدالهادي، علي الدين هلال، حسام بدراوي، فرخندة حسن، وكمال ‏الشاذلي.‏

"مجلس النواب"
وفي الانتخابات الحالية، فاز 83 مرشحًا بعضوية البرلمان، بحوالي 30% من عدد المقاعدة المُخصصة للفردي والقوائم، كانوا في يومًا منتمون للحزب الوطني.