رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأناشيد الصوفية على طريق العودة.. والفرق الشبابية تقتحم المجال.. الهروب من ضجيج المهرجانات يفسح لها المجال

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"بيت السنارى.. بيت الربع .. ساقية الصاوي"، أماكن اجتمعت على الفن والثقافة لتنير شمعة في طريق كل شخص يهتم بالإبداع وأول السبل للوصول إلى عقل يستطيع معايشة كل الأفكار والمعتقدات وكما تعد هذه الأماكن السبب في عودة الأغاني الصوفية لمصر مرة أخرى.

فالصوفية بعد ما كانت تثير الجدل دائما سواء أفكارها أو أغانيها كان يعتقد البعض أنها ما هي إلا الموالد حيث متناقضات تدعو للتأمل، ففيها المتعبدون المخلصون، وفيها الأغنياء والفقراء، وفيها الصالحون والدجالون رغم من أنها كانت تهتم بمخاطبة الكل أصبحت أغانيها موضة بين الشباب.

وانتشرت في العالم الإسلامي كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة ، ثم تطورت بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة و معروفة، وكما تهدف لتربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى، يهرب أصحاب الأغاني الصوفية من حالة الحب الدنيوي، وعما يشغل بال المُجتمع، إلى الحب الإلهي ومناجاة الله والتقرب إليه.

وانعكست نتائج هذه الظاهرة على الغناء لهؤلاء المادحين، فجاءت أناشيدهم حرة وتدعى للتأمل والتدبر فيما احتوته من معان، في حين انعكس عكس ذلك لدى الطوائف الأخرى على أغانيها، فجاءت صاخبة الإيقاع، وكان غنائها أقرب إلى جذب الأفراد.

نجد أن الأغاني الصوفية قد اختفت لفترة وذلك يرجع لوجود أغاني المهرجانات والتي ذاع صيتها وانتشرت على نطاق واسع جدا فكان لا يوجد مكان إلا والمهرجانات موجودة كما لو كانت وباء وانتشر، ودوام الحال من المحال هذا حال الاغانى الصوفية حيث رجعت كما كانت بل وذاع صيتها مرة أخرى على يد فرق شبابية وأصبح هدفهم التجديد.

واستطاعت الفرق الغنائية الحديثة وبعض المُنشدين، أن يُعيدوا إحياء الفن الصوفي، وبلوغه قلوب الناس من جديد، وهناك من الاغانى الصوفية التي اشتهرت في الآونة الأخيرة مثل فلامنكو صوفي يا مدد للشيخ أحمد التونى، سقاني الغرام لمشروع مصري، أحبك حُبين لفرقة ابن عربي ، يبكي ويضحك للشيخ زين محمود، الحب الصوفي لفرقه زجاج.

فبعد ما كانت الاغانى تتسم بالمحافظة في طريقة الأداء كمثل طريقة الشيخ سيد محمد النقشبندي ، على العكس حاليا أصبح هدف شباب الصوفية التجدد لجذب المستمعين حولهم والأخص الشباب ، حيث قاموا بإدخال الموسيقى الالكترونية إليه ومن خلال المزج والتجريب.
من بين هؤلاء الفنانين التونسي ظافر يوسف، الذي قدّم العديد من الأعمال الصوفية من بينها ألبوم "إلكتريك صوفي" و"نبوءة رقمية"، وكما يمزج بين الموسيقى الإلكترونية وصوت العود، فيما نستمع لتنويعات إيقاعية مميزة تأخذ الموسيقى لفضاء أكثر اتساعًا من فضاء الإنشاد الصوفي التقليدي.

ومن ثم أتاح الغناء الشعر الصوفيّ فرصة لإعادة النهضة بالتراث العربيّ عند الشباب في ظلّ شبه غيابه فجمال الأبيات تدعو للتعمق، وكما تجذب القصائد الصوفية بعباراتها وتشعّبها وانتشارها الواسع.

وعلى هذا يعتبر الغناء الصوفي وسيلةً للتعرّف على أنماطٍ موسيقيةٍ ومدارس فكرية مختلفةٍ، ويشكل الباب الأوسع الذي قد يدخل منه الشباب إلى عالم الشعر العربي الكلاسيكي بسبب الفضول في التعرّف على ما هو مرتبطٌ بالشعر الصوفيّ بعد التعلّق به.
وفى محاولة منا لرصد أراء الشباب لمعرفة سبب عودة أغاني الصوفية مرة أخرى فتقول رنا محمد خريجة إعلام القاهرة أن مجرد السماع للاغاني الصوفية يخلق حالة من النقاء الداخلي كما لو كنت في عالم منعزل.
في حين ترى فاطمة أحمد طالبة بصيدلة يعود رجوع الشباب للاغاني الصوفية لهدءوها والهروب من الضجيج الحالي من الاغانى الشعبية والتي أصبحت أشهر من النار على العلم.

وتتفق معها نهى وتقول أنها لم تكن تعرف عن الاغانى الصوفية اطلاقا ولكن عن طريق أحد حفلات الثقافية بشارع المعز كانت بداية معرفتي بها ومن هنا أصبحت ركن أساسي وتصفها بأنها أشبة صوت العصافير في بداية اليوم.

ويرى سعيد صادق أستاذ علم النفس، أن الصوفية لها جمهور على نطاق عالمي، فهي معروفة بالخارج بموسيقى الإسلام الروحية كما يحضر لها العديد من الأشخاص من مختلف الأديان وذلك لنقائها، بينما في مصر نجد أن أغاني المهرجانات طغت عليها ومع انتشار العنف في الفترة الأخيرة والمشاكل التي تعرضت لها مصر بدأت الناس ترجع للهدوء وهذا ما وجدوا في الصوفية وهذا ما جعل الشباب يعملوا على تكوين فرق موسيقية تتغنى بها كمثل فرق ابن عربي وغيرها .