رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أحمد عز».. المتباكي على أشلاء ضحاياه

أحمد عز
أحمد عز

كيف تمنعون شخصي مثلي يملك كل تلك الخبرات من خوض الانتخابات؟، سؤال استنكاري طرحه أمين عام الحزب الوطني المنحل "أحمد عز" علي مستشاري محكمة القضاء الإداري، بعد استبعاده من ماراثون السباق الإنتخابي، قبل أن يجيب أحد قضاة المنصة قائلًا أن تلك الخبرات هي من قادت الوطن إلي هذا المأزق الذي هي عليه الآن، ليعتري الصمت وجه دون أي يتفوه بأي كلمة، وكأن علي رأسه الطير.

الإجابة السابقة اعتقد البعض بكونها كفيلة لإخراسه أمدًا بعيدًا، يتواري خلالها بعيدًا عن الأنظار، يعيد ترتيب أوراقه وحساباته، ريثما يدرك أن ما ارتكبه من آثام بحق الشعب المصري، من إفساد لتربة الحياة السياسية، واحتكار لصناعة الحديد بحكم نفوذه السياسي، وغيرها من الموبقات، يحتاج عمرًا فوق ما مضي من عمره، حتي تواري ثري النسيان، لذا فقد بات لزامًا عليه أن يقضي وقته متضرعًا للرحمن يستغفر من تلك السوءات.

لكن شهوة الأضواء التي يعشقها، لم تمهله أي فرصة للتفكير، فأصبح كالحرباء، يتلون طبقًا لمتطلبات الظرف السياسي، أملًا في العودة في رحلة البعث الثاني.

أحمد عبد العزيز عز أحد أقطاب الحزب الوطني المنحل وحوت تجارة الحديد وغيرها من الألقاب التي تحفل بها سيرته الذاتية، والذي تمثل رحلة صعوده السياسية واحدة من الألغاز، بعد أن تمكن في بضع سنون، من الوصول لدوائر السلطة العليا، بل ويصبح صاحب اليد الطولي في رسم العديد من السياسيات و بطلًا لعدد من القرارات المصيرية المتعلقة بحياة بسطاء المصريين.

"أحمد عز" الذي يعود الفضل في دخوله دهاليز الحزب الوطني المنحل، إلي وزير الشئون المجالس النيابية كمال الشاذلي، والذي لم يحفظ له الجميل، فسرعان ما تنكر له، بعدما تمكن من استخدام حيله في طرحه أرضًا، وتجميده علي دكة الاحتياط حتي رحيله، يواسي نفسه بترديد بيت الشعر الشهير " أعلمه الرماية كل يوم.. ولما اشتد ساعده رماني".

غير أن صراعات "عز" داخل الحزب الوطني، لم تقف عند حد الإطاحة باستاذه "كمال الشاذلي" فحسب، فقد أسس لما يعرف بصراع الحرس القديم والجديد، في سباق اقتسام الغنائم علي حساب جثة الوطن وحق أبناءه، ممن لم يجدوا أحد يحنو عليهم أو يعطف بهم خلال عهد مبارك البائد.

ورغم مشاغل "عز" السياسية والإقتصادية وجدول مواعيده المزدحم، إبان فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلا أنه اعتبر أن مهمته الاولي والرئيسية، تتمثل في تأهيل جمال مبارك نحو الصعود كحاكمًا علي رأس الدولة المصرية، ضمن مشروع التوريث، والذي كان قاب قوسين أو أدني من التنفيذ، قبل أن تأتي ثورة يناير لتقضي أمرًا كان مفعولًا.

أحمد عز الذي وقف بصدر مفتوح وبثقة عمياء، يؤكد خلال المؤتمر العام للحزب الوطني، بأن جمال مبارك هو مفجر ثورة التطوير، لم يكن يعلم أنه بعد شهور قليلة سيتحول إلي مفجر ثورة التطهير، بعد تزويره لانتخابات مجلس الشعب بطريقة فجة، لم تشهدها مصر، منذ بدء دوران عجلة الحياة النيايبة.

أمين التنظيم بالحزب الوطني المنحل، والذي كان من أوائل نظام الرئيس المخلوع قفزا من المركب، بتقديم استقالته من كافة المناصب السياسية التي يشغلها، في الأيام الأولي لثورة يناير، معتبرًا ذلك الأمر بمثابة طوق نجاة له من المساءلة والمحاكمة.

لكن سرعان ما ذهبت أمنيات "عز" أدراج الرياح، بعد صدور قرار النائب العام بضبطه وإحضاره، تمهيدًا لمحاكمته في قضايا تتعلق بالفساد.

توالت الضربات القضائية فوق وجه أحمد عز حكم تلو الآخر، بعد تجاوز الأحكام الصادرة ضده أربعين عامًا، وهو عده كثيرين بمثابة الثأر لحق الشعب المصري من امبراطور الحديد، قبل أن تنقلب الأمور رأسًا علي عقب، وينجح في الهروب من غياهب السجون بالحصول علي البراءة في كل القضايا المتهم فيها، فيما عرف بمهرجان البراءة للجميع، ليخرج من السجن كيوم ولدته أمه.

حاول "عز" تبرئة ذمته مما علق بها من اتهامات، كبداية للعودة من جديد، لكنها دائما ما كانت تقابل بالرفض والإستهجان من جانب قطاعات كبيرة من الشعب المصري، كان آخرها مقاله "دعوة للتفاؤل"، والذي قوبل بهجوم حاد من قبل رواد مواقع التواصل الإجتماعي، معتبرين أنه بمثابة ذرف الدموع من عيون وقحة.