رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في اليوم العالمي لـ"داء الكلب".. أعراضه وطرق العلاج

منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية

تحيي بعد غد منظمة الصحة العالمية اليوم العالمي لـ داء الكلب 2016 تحت شعار التثقيف بالداء والتلقيح ضده والتخلص منه.

ويشدد موضوع الاحتفال هذا العام على إجراءين من الإجراءات الحاسمة التي يمكن أن تتخذها المجتمعات المحلية للوقاية من داء الكلب، كما يجسد الغاية العالمية بشأن القضاء على جميع الوفيات البشرية من الداء المنقول بواسطة الكلاب بحلول عام 2030.

وتشير التقديرات إلى أن داء الكلب الكلبي يتهدد حياة أكثر من 3 مليارات نسمة في آسيا وأفريقيا..ويعيش أكثر الناس أخطارا في المناطق الريفية حيث لا يسهل الحصول على اللقاحات البشرية والغلوبولين المناعي بسرعة.

وكانت منظمة الصحة العالمية (WHO) والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE)، قد أقرتا الاحتفال يوم 28 سبتمبر منذ عام 2006 وذلك للتوعية ضد داء الكلب وتبني حملة ضد هذا الداء.

ويصادف أيضا يوم 28 سبتمبر تخليد ذكرى وفاة العلامة الفرنسي لويس باستور المتخصص في الكيمياء وعلم الأحياء الدقيقة، الذي طور أول لقاح مضاد للداء.

وقد بلغ عدد الدول المشاركة في الحملة هذا العام 185 دولة تقوم بتوعية ما يقارب من 183 مليون نسمة حول العالم، فضلا عن تطعيم 7.7 مليون كلب ضد المرض في جميع أنحاء العالم.

ففي كل عام يتعرض ما يصل إلى 60 ألف شخص إلى الألم والمعاناة حتي الموت بسبب داء الكلب (السعار)، والعديد منهم أطفال عضتهم كلاب مصابة بالسعار ، لكن السعار مرض يمكن القضاء عليه والحيلولة دون الإصابة به.

وداء الكلب مرض حيواني المنشأ (ينتقل من الحيوانات إلى البشر) يسببه فيروس، وهو مرض فيروسي معدي مميت يصيب الجهاز العصبي ، وهو من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان ويصيب كل ذوات الدم الحار بما فيها الإنسان وأكثر الحيوانات عرضه للإصابة بالمرض هي فصيلة ذات الناب مثل الذئاب والكلاب والثعالب، وجميع الحيوانات ذوات الدم الحار معرضة للإصابة بالسعار مثل الكلاب ، القطط ، الثعالب ، الذئاب ، الأبقار ، الجمال ، الخيول ، الماعز ، الضأن ، الغزال ، ... الخ ، بالإضافة الى الخفافيش (الوطواط) والإنسان.

وتنتقل العدوي عن طريق العض حيث ينتقل الفيروس من لعاب المريض العاقر إلى المعضوض ؛ الخدش بمخالب الحيوان الملوثة بلعابه عندما يخدش بها كائن حي آخر؛ تلوث الجروح أو الخدوش أو الأغشية المخاطية للعين بأي مواد ملوثة بالفيروس من اللعاب أو أنسجة الجرح الناتج عن العضة ؛ استنشاق الهواء المحمل بالفيروسات بكهوف الوطاويط، وعندما يصل فيروس السعار إلى الخلايا يبدأ بالتكاثر ويتوجه إلى الجهاز العصبي المركزي حتى يصل إلى المخ ويبدأ بتدمير خلايا المخ.

الجدير بالذكر أن المرض بات منتشرا في جميع قارات العالم تقريبا ، باستثناء القطب الجنوبي، غير أن أكثر من 95 % من الوفيات البشرية تحدث في آسيا وأفريقيا. أما الخفافيش فهي تقف وراء معظم الوفيات البشرية الناجمة عن داء الكلب في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. كما ظهر كلب الخفافيش في الآونة الأخيرة، كخطر صحي عمومي في أستراليا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الغربية. على أن عدد وفيات البشر بسبب داء كلب الخفافيش في هذه الأقاليم يظل ضئيلا مقارنة بمن يلقوا مصرعهم عقب تعرضهم لعضة كلب.

ومن النادر جدا حدوث وفيات في صفوف البشر بسبب داء الكلب جراء التعرض لعضات الثعالب وحيوانات الراكون والظربان الأمريكي وابن آوى والنمس ، وغير ذلك من أنواع الحيوانات البرية الثوية، ويؤدي داء الكلب بعد تطور أعراضه إلى وفاة المصاب به في جميع الحالات تقريبا.

وتبدأ ظهور أعراض السعار، بعد فترة حضانة المرض التي تتراوح فيما بين عدة أيام إلى عدة أسابيع أو عدة شهور وقد تصل إلى عدة سنوات، ويعتمد ذلك على موقع العضة وبعدها عن الرأس , وعلى كثرة الأعصاب بمنطقة العضة , وكذلك على كمية الفيروسات التي وصلت الجرح، ومن أهم الأعراض هو تغيير في سلوك وتصرف الحيوان المريض. ويوجد مظهران للسعار (السعار الهائج والسعار الصامت) وكليهما ينتهي بالشلل والموت.

وتبدأ الأعراض بالشعور بألم في منطقة العضة ، كثرة التبول ، مع عدم القدرة على البلع وهو ما يسمى (الخوف من الماء) وذلك بسبب شلل عضلات البلع ؛ لعاب كثيف وغزير؛ زيادة الدموع ؛ عدم التوازن.
وفي السعار الصامت ، ينزوي الحيوان المريض في مكان هادئ , مظلم , مع سيولة اللعاب, لكنه يعض كل من يقترب منه , ثم يصاب بالشلل, ويبدأ الشلل بالعضلات انطلاقا من موضع العضة أو الخدش وتتطور الأعراض ببطء حتى الموت .

ومع غياب حالة الهياج قد يلتبس تشخيص مسبب الشلل مما يؤدي الى عدم الإبلاغ عن المرض ، وهذا النوع يسبب 30% من الإصابات البشرية. أما في السعار الهائج فيلاحظ على الحيوان التهيج والإثارة ومهاجمة كل شيء مع عض أي مواد غير معتادة كالحديد أو الخشب أو الزجاج أو الأحجار مما يؤدي إلى جروح بالفم وتكسر الأسنان.

ويتخلى الكلب أو الثعلب المصاب بالسعار ( وكذلك كل الحيوانات البرية) عن الحرص المعروف عن الحيوانات البرية ويقترب من البشر ويدخل البيوت ويهاجم الحيوانات والطيور؛ أما في حالة الخيول فتعض نفسها وتصاب بالمغص وعدم التوازن ؛ أما الأبقار تصدر صوتا عاليا وكذلك الجمال مع ارتعاش العضلات والهياج.

ومن أكثر الفئات عرضة للإصابة هم :العاملون بالعيادات البيطرية لأنهم يتعاملون مع الحيوان المسعور ويقومون بأخذ عينات منه للفحص المختبري , كما يقومون بتحصين باقي الحيوانات المخالطة للحيوان المريض , وربما يكون بعض هذه الحيوانات في مرحلة الحضانة للمرض ؛ العاملون بالمختبرات من أطباء بيطريين أو أخصائيين ومساعديهم ؛ الأطفال الذين يلعبون مع القطط والكلاب ؛ مربو الثروة الحيوانية الذين يجهلون أعراض المرض ويحاولون فتح فم الحيوان عندما يسيل اللعاب بحثا عن شيء في فمه يعوق البلع.

ولا توجد أي اختبارات لتشخيص عدوى الإنسان بـ داء الكلب قبل ظهور أعراضه المرضية عليه، ويتم تشخيص مرض السعار من خلال ، الأعراض المرضية السابق ذكرها، ولكن يجب الانتباه للتشخيص التفريقي مع بعض الأمراض التي تسبب أعراضا عصبية أو الشلل ؛ الفحص المختبري المعروف وهو فحص أنسجة المخ بعد الوفاة ؛ التشخيص بفحص بصمة العين في الحيوان الحي، حيث يتم أخذ مسحة شريحية من القرنية.

وطبقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للسيطرة على داء الكلب ، فإن مرض داء الكلب من الأمراض المنسية التي تصيب الفقراء من السكان ممن لا يبلغ عن وفاتهم إلا نادرا، ويصاب بالمرض في المقام الأول المجتمعات الريفية التي تقطن مناطق نائية لا تطبق فيها تدابير منع انتقال المرض من الكلب إلى الإنسان، كما يحول تدني مستوى الإبلاغ عن المرض دون توفير الموارد اللازمة من المجتمع الدولي للقضاء على هذا الداء .

ويموت حوالي 60 ألف شخص كل عام على مستوي العالم جراء مرض السعار, منهم 10 إلي 40% من الأطفال دون سن 15 سنة بسبب لعبهم مع القطط والكلاب، وما يقدر بنحو 160 شخصا يموتون يوميا بسبب هذا المرض، والأغلبية العظمى من هؤلاء في آسيا التي تمثل 60 % من الوفيات بينما سجلت أفريقيا 36 % .

ويتلقى كل عام أكثر من 10 ملايين إنسان على مستوى العالم العلاج الوقائي نتيجة لتعرضهم لحيوانات يشتبه في إصابتها بالسعار، ويتم إنفاق حوالي 560 مليون دولار عالميا للوقاية من المرض.
والجدير بالذكر أن تكلفة المعالجة الوقائية التي تعقب التعرض لحيوان مشتبه في إصابته بالمرض تناهز 40 دولارا أمريكيا في أفريقيا و49 دولارا في آسيا، حيث يتراوح معدل الأجور بين دولار أمريكي واحد ودولارين للفرد الواحد في اليوم.

وقد تصدرت الهند دول العالم من حيث الوفيات البشرية جراء داء الكلب، إذ سجلت بمفردها 35% من الوفيات البشرية بسبب المرض. وتمكنت معظم الدول المتقدمة من بينها بريطانيا من القضاء على هذا المرض في الكلاب لديها، لكن العديد من الدول النامية لا تزال تعاني من داء الكلب في الكلاب الأليفة، بالإضافة إلى افتقارها للرقابة الجيدة في أغلب الأحيان ، حيث أن نسبة الكلاب التي جرى تطعيمها في جميع الدول في أفريقيا وآسيا لا تزال أقل بكثير من النسبة المطلوبة للسيطرة على المرض ، وأن أفضل السبل وأكثرها فاعلية من حيث التكلفة للوقاية من داء الكلب هي تطعيم الكلاب ، فإن الدول التي استثمرت أكثر في تطعيمات الكلاب نجحت تقريبا في منع الوفيات البشرية جراء المرض.

وأظهرت الدراسة التي أجراها التحالف العالمي للسيطرة على داء الكلب أن هذا المرض يكلف العالم 8.6 مليار دولار أمريكي بسبب حالات الوفاة المبكرة وفقدان الدخل لضحايا عضات الكلاب والإنفاق على اللقاحات البشرية.

وأشار الباحثون إلى أن داء الكلب قاتل بنسبة 100% تقريبا ، لكن يمكن الوقاية منه بنسبة 100% أيضا وأن أفضل وسيلة من حيث التكلفة لمنع انتشاره هى تطعيم الكلاب، وتوفير اللقاحات البشرية المضادة للمرض.

وأشارت الباحثون أيضا إلى أن تطهير الجروح فوريا وإعطاء التطعيمات اللازمة في غضون الساعات القليلة الأولى التي تعقب مخالطة حيوان يشتبه في إصابته بداء الكلب، من الأمور الكفيلة بالحيلولة دون الإصابة بالمرض وحدوث الوفاة.

وأشار التقرير إلى أن هذا النهج الذى يتم بالتعاون بين قطاعي الصحة البشرية والحيوانية يمكن أن ينقذ العديد من الأرواح ، ويحد بشكل كبير من العبء الاقتصادى للمرض خاصة فى البلدان الفقيرة.

وقال البروفيسور لويس نيل المدير التنفيذي للتحالف العالمي لمكافحة داء الكلب إن معرفة العبء الفعلي لهذا المرض الفتاك يساعدنا على تحديد الموارد اللازمة للتصدي له.مضيفا أن هذه الدراسة هى بمثابة حجر أساس، وخطوة نحو السيطرة والقضاء النهائي على داء الكلب. في حين أشارت الدكتورة كاتي هامبسون قائد فريق البحث بجامعة غلاسكو البريطانية إن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها لرصد تأثير داء الكلب، ومدى جهود مكافحته في كل بلدان العالم.

وأوضحت أن الدراسة استقت معلوماتها من تقارير مراقبة الأمراض فى الدول ، وأرقام المبيعات العالمية للقاحات المرض، ما جعلها أكثر تفصيلا وانتشارا من أى دراسة أخرى أجريت من قبل.
وفي مجال القضاء علي داء الكلب ، أطلقت منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزارعة الفاو والتحالف العالمي لمراقبة داء الكلب في ديسمبر عام 2015 ، مبادرة عالمية للقضاء علي وفيات داء الكلب البشري بحلول عام 2030.

وتعتبر هذه المبادرة هي الأولى في قطاعي الصحة البشرية والحيوانية وصلا معا إلى تبني استراتيجية مشتركة للعمل على المستوى العالمي لاستئصال داء الكلب المنقول للإنسان عن طريق عقر الكلاب؛ وهي تدعو جميع البلدان إلى الشروع في برامج ذات جدوى إقتصادية ومستدامة لمكافحة هذا المرض وخاصة برامج التحصين الشامل للكلاب.

وقد شرعت منظمة الصحة العالمية مؤخرا بتنفيذ مشروع رائد مع مؤسسة بيل وميليندا جيتس في القضاء علي داء الكلب في كلا من الفليبين وجنوب أفريقيا وجمهورية تنزانيا المتحدة، وأثبت أن التحصين الجماعي للكلاب يمكن أن يؤدي إلى تخفيض عدد الوفيات البشرية بداء الكلب إلى أدنى المستويات والاستئصال النهائي للمرض.

ويقول الدكتور برنارد فيليت المدير العام للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية إن تحصين 70% من الكلاب في المناطق الموبوءة بداء الكلب كاف للقضاء على هذا المرض في العالم أجمع بكلفة أقل بكثير من عمليات العلاج بعد العقر.

وأضاف إن الأسباب المنطقية التي تدفعنا للشروع في العالم أجمع في القضاء على داء الكلب المنقول إلى الإنسان كافية لتجعل هذه العملية أمرا ممكنا، والحاجة تدعونا اليوم إلى إشراك المجتمع المدني في هذه الحملة، وحث المبادرات المحلية على تدريب الأشخاص والمتطوعين للقيام بحملات تحصينية شاملة ومنسقة لتشمل أكبر عدد ممكن من الكلاب في المناطق الموبوءة.

ولقد بادرت المنظمة العالمية للصحة الحيوانية في البدء إلى تأسيس بنوك إقليمية للقاح داء الكلب في القارة الأسيوية ثم أصبح إنشاؤها يتم عن طريق إجراء مناقصات تنافسية دولية.

واليوم تستخدم منظمة الصحة العالمية هذه الطريقة للحصول على لقاحات لداء الكلب ذات نوعية ممتازة محضرة وفقا لمعايير المنظمة العالمية للصحة الحيوانية من أجل تحصين الكلاب في جنوب أفريقيا والفلبين،كما أن هناك مثال آخر على إمكانية النجاح في التخلص نهائيا من داء الكلب في بنجلاديش حيث تم القيام بحملة تحصين شاملة للكلاب بين عامي 2011 و2013 ، ونجحت في تقليص عدد الضحايا إلى 50%، واستنادا إلى هذا النجاح في برنامجها لاستئصال هذا المرض تخطط بنغلاديش إلى تخفيض الوفيات بداء الكلب بنسبة 90% بنهاية هذا العام واستئصال المرض نهائيا بحلول العام 2020.

وقد تم القضاء على داء الكلب في كثير من بلدان أمريكا اللاتينية، بما في ذلك تشيلي ، كوستاريكا، وبنما، وأوروغواي، ومعظم الأرجنتين وفي مدن ساو باولو وريو دي جانيرو في البرازيل، وأجزاء كبيرة من المكسيك وبيرو. كما شرعت العديد من البلدان في إقليم جنوب شرق آسيا في حملات القضاء تمشيا مع الهدف المتمثل في القضاء الإقليمي من خلال إطلاق 2020.

وتعمل منظمة الصحة العالمية لتجميع التوقعات على توريد لقاحات بشرية وحيوانية، والحاجة إلى المناعة لداء الكلب، لفهم قدرة التصنيع العالمية واستكشاف الخيارات الشرائية بكميات كبيرة لبلدان من خلال منظمة الصحة العالمية / اليونيسيف (لقاح بشري ) والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية (لقاح الحيوان) بأسعار مناسبة .

وقد ثبت أن استخدام برامج التحفيز التي تتكون من الدعم الفني والمادي لبدء برامج الوقاية من داء الكلب للبلدان والمناطق الموبوءة نجح نجاحا كبيرا، من خلال تمكين تنفيذ استراتيجيات مكافحة برامج القضاء علي داء الكلب المستدامة ويمكن من الناحية المثالية توسيعها لتشمل المناطق والبلدان المجاورة عن طريق وجود لقاحات فعالة وآمنة للكلاب والإنسان؛ توفير إرشادات عملية لدى تطبيق برامج مكافحة داء الكلب؛ برامج تثقيف وتوعية لإشراك المجتمع المدني في هذه البرامج؛ اعتماد أنظمة لجمع المعلومات والرصد والإبلاغ عن الإصابات مما يعتبر ضروريا لتقييم مدى النجاح في تقدم حملات مكافحة المرض واستئصاله.