هل تنجح "كلينتون" في اغتيال أبو بكر البغدادي؟.. 3 عوائق تقف في طريقها للقضاء على التنظيم.. وخبراء يحذرون من خطورة هزيمة "داعش" عسكريًا
يبدو أن السياسة الأمريكية تجاه محاربة الإرهاب وتحديدًا تنظيم داعش، لن يطرأ عليها أي تغيير قريبًا، في الوقت الذي ينتظر فيه العالم ضخ دماء جديد في شراينها عبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية خلال نوفمبر المقبل، وعُلقت آمال عدة على وجود استراتيجية حقيقة لهزيمة داعش.
لكن السياسة الأمريكية المرتقبة تنحصر في المرشحان للرئاسة الأمريكية، الجمهوري دونالد ترامب، ونظيرته الديمقراطية هيلاري كلينتون، ويمكننا أن نستشف من خلال تصريحاتها عن تنظيم "داعش"، أن واشنطن ستظل تعتمد على استراتيجية قطع رؤوس قادة وزعماء التنظيم التي يخرج ألف غيرها يوميًا.
"هيلاري كلينتون"
حال وصولها إلى البيت الأبيض، ستقوم "كلينتون" بتعقب زعيم تنظيم داعش الإرهابي "أبو بكر البغدادي"، واعتقاله ومن ثم اغتياله والقضاء على داعش نهائيًا، هو السيناريو الذي حددت به المرشحة الأمريكية سياستها في مواجهة تنظيم الرايات السوداء وفقًا لصحيفة "الاندبندنت البريطانية".
كما أن إدارة "كلينتون" سوف تخصص موارد مالية لاستهداف البغدادي كجزء من عملية استخبارية، هدفها البعيد هو وضع حد لتنامي الأعمال الإرهابية داخل الولايات المتحدة، وهي أعمال إرهابية ألهمت داعش مرتكبيها.
وتؤكد الصحيفة أن حملة "كلينتون" لم تفصح عن تفاصيل العملية للتخلص من خطر التنظيم المسلح، لكنها أشارت إلى أنها لن تختلف عن تلك التي أنهت حياة الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" فى عام 2011.
"دونالد ترامب"
"جئتكم بالـ30 يومًا" تهديد طاف به المرشح الأمريكي دونالد ترامب المحافل الدولية، يتوعد فيه تنظيم داعش حال وصوله للبيت الأبيض، بإن يعد خطة في غضون شهر لهزيمة داعش، وسيطلب من ضباطه الكبار أن يقدموا إلى المكتب البيضاوي خلال 30 يومًا خطة لنصر كامل وسريع على داعش، مضيفًا: "وذلك يعني حربًا تقليدية ولكن أيضًا حربًا عبر الإنترنت وحربًا مالية وحربًا إيديولوجية".
"قطع الروؤس"
وبذلك فقد سار المرشحان على نفس النهج القديم، فلم تعرف واشنطن طوال محاولاتها لمواجهة الإرهاب سوى سياسة قطع رؤوس الزعماء والقادة، والتي أثبتت على مر السنوات أنها استراتيجية بلا فائدة في تفكيك التنظيم وقطع دابر قادته، بل العكس هو ما يحدث بالفعل، ولا فارق يُذكر بين قتلهم أو تركهم أحياء.
"أمثلة سابقة"
وتأكيدًا على ذلك، فحين قتل أبو مصعب الزرقاوي، قائد فرع تنظيم القاعدة في العراق عام 2006 عندما تحول كل سنة العراق ضد التنظيم، جاء مقتله نتيجة لتراجع مجموعته وليس سببًا في تراجعها، كذلك كان مقتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة عام 2011 ، بعد حرب دامت عقدًا كاملًا من الزمان شنت فيها حروب لاقتلاع جذور القاعد من أفغانستان وبذلت جهود مماثلة في باكستان ولم يحدث.
"يزيده صلابة"
اعتماد الإدارة الأمريكية القادمة على نفس السياسة سيزيد صلابة التنظيم في البحث عن قادة أكثر قوة وذات وجوه غير مألوفة إعلاميًا، ويخروجون ألف زعيم غير البغدادي، وفقًا لمراقبون في شؤون الجماعات الإرهابية، الذين حذروا في تصريحات لـ"الدستور" من سيناريوهات خطيرة تحيط استهداف داعش عسكريًا.
"خلق الزعماء"
"طبيعة ظروف الحروب الميداينة تخلق كل ساعة زعماء وقادة عسكريين جُدد، وبالتالي فإن قتل أبو بكر البغدادي واعتماد أمريكا على تلك السياسة بشكل مباشر ليس له تأثير كبير في حربها ضد التنظيم، وفقًا لرؤية سامح عيد، الباحث في الشؤون الجماعات الإسلامية.
ويضيف: "القادة الذين تقتلهم أمريكا من تنظيم داعش، يستطيع الأخير جذب أضعافهم خلال ساعات، بسبب قوته واعتماده على الظروف البيئية التي يعشيونها الشباب في بلادهم، واللعب على وتر محاربة العدو الأمريكي، بل أنه يزيد من صلابة التنظيم في البحث عن ما هو أقوى، والاستعداد الدائم بالبدائل".
وأشار إلى أن حماس الشباب يؤهلهم إلى الصعود في درجات التنظيم والوصول إلى حد الزعامة العسكرية، والقدرة على مواصلة الحرب، فالتنظيم لديه شباب وقادة عسكريين يتوالدون بشكل دائم، ويتم توظيفهم في الوحدات الأقل في التنظيم ثم الوصول سريعًا إلى مرتبة الزعامة، ويضحون قادة لا يُستهان بهم ويخضون معارك عنيفة.
"استهلاك إعلامي"
تصف الدكتور نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، تصريحات "كلينتون" بمحاولة للاستهلاك الإعلامي وجذب مزيدًا من الأصوات لها خلال الانتخابات الأمريكية، مشيرة إلى أن داعش تنظيم إرهابي فضفاض ومنتشر جغرافيًا لا يمكن القضاء عليه في يوم وليلة.
وتضيف: "بمقتل البغداي لن تنتهي داعش، لأنه ليس حركة أو تيار إرهابي صغير ومنشق، ولكنه تنظيم كامل بتعداد كبير وقوي، لن يغلب في تصعيد ألف زعيم غيره ونواب كثيرون، بل أن الاكتفاء بقتل زعمائه يدفعه لمزيد من محاولات استقطاب شباب أقوى ذو نفوذ أعتى".
وترى أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تنتهج سوى سياسة قطع الرؤس غير المفيدة، التي أتبعها التحالف الدولي المكون من 50 دول منذ سنوات ولم يخرج بجديد، فهناك نحو 13 إتفاقية داخل الأمم المتحدة لم تُفعل، كذلك قرارات مجلس الأمن.
"تحذيرات خطيرة"
ومن جانبه أوضح اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، أن تصريحات "كلينتون" ليست إلا مزايدات غير محسوبة، لأن القضاء على التنظيمات الإرهابية لا يتم بمقتل زعمائها، لاسيما أن مسألة وجود البغدادي على قيد الحياه مشكوك فيها ولا يمكننا الجزم بإنه حي، وبالرغم من ذلك لازال التنظيم قويًا.
وحذر الخبير العسكري من خطورة إتباع أمريكا لسياسة قطع الرؤوس، واستهداف قيادات التنظيم من أجل هزيمته عسكريًا فقط، موضحًا أنه في هذه الحالة يلجأ التنظيم إلى طريقة جديدة للانتشار ليست على أرض الواقع، ولكن من خلال شبكات الإنترنت والعالم الافتراضي، وبدلًا من أن كان تنظيم معروف جغرافيًا أصبح شبحًا، فلا بد من مواجهته فكريًا أولًا ثم القضاء عليه عسكريًا.