رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تنجح "كلينتون" في اغتيال أبو بكر البغدادي؟.. 3 عوائق تقف في طريقها للقضاء على التنظيم.. ‏وخبراء يحذرون من خطورة هزيمة "داعش" عسكريًا

جريدة الدستور

يبدو أن السياسة الأمريكية تجاه محاربة الإرهاب وتحديدًا تنظيم داعش، لن يطرأ عليها أي تغيير قريبًا، ‏في الوقت الذي ينتظر فيه العالم ضخ دماء جديد في شراينها عبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية خلال ‏نوفمبر المقبل، وعُلقت آمال عدة على وجود استراتيجية حقيقة لهزيمة داعش.‏

لكن السياسة الأمريكية المرتقبة تنحصر في المرشحان للرئاسة الأمريكية، الجمهوري دونالد ترامب، ‏ونظيرته الديمقراطية هيلاري كلينتون، ويمكننا أن نستشف من خلال تصريحاتها عن تنظيم "داعش"، أن ‏واشنطن ستظل تعتمد على استراتيجية قطع رؤوس قادة وزعماء التنظيم التي يخرج ألف غيرها يوميًا.‏

‏"هيلاري كلينتون"‏
حال وصولها إلى البيت الأبيض، ستقوم "كلينتون" بتعقب زعيم تنظيم داعش الإرهابي "أبو بكر ‏البغدادي"، واعتقاله ومن ثم اغتياله والقضاء على داعش نهائيًا، هو السيناريو الذي حددت به المرشحة ‏الأمريكية سياستها في مواجهة تنظيم الرايات السوداء وفقًا لصحيفة "الاندبندنت البريطانية".‏

كما أن إدارة "كلينتون" سوف تخصص موارد مالية لاستهداف البغدادي كجزء من عملية استخبارية، ‏هدفها البعيد هو وضع حد لتنامي الأعمال الإرهابية داخل الولايات المتحدة، وهي أعمال إرهابية ألهمت ‏داعش مرتكبيها.‏

وتؤكد الصحيفة أن حملة "كلينتون" لم تفصح عن تفاصيل العملية للتخلص من خطر التنظيم المسلح، ‏لكنها أشارت إلى أنها لن تختلف عن تلك التي أنهت حياة الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" ‏فى عام 2011.‏

‏"دونالد ترامب"‏
‏"جئتكم بالـ30 يومًا" تهديد طاف به المرشح الأمريكي دونالد ترامب المحافل الدولية، يتوعد فيه تنظيم ‏داعش حال وصوله للبيت الأبيض، بإن يعد خطة في غضون شهر لهزيمة داعش، وسيطلب من ضباطه ‏الكبار أن يقدموا إلى المكتب البيضاوي خلال 30 يومًا خطة لنصر كامل وسريع على داعش، مضيفًا: ‏‏"وذلك يعني حربًا تقليدية ولكن أيضًا حربًا عبر الإنترنت وحربًا مالية وحربًا إيديولوجية".‏

‏"قطع الروؤس"‏
وبذلك فقد سار المرشحان على نفس النهج القديم، فلم تعرف واشنطن طوال محاولاتها لمواجهة الإرهاب ‏سوى سياسة قطع رؤوس الزعماء والقادة، والتي أثبتت على مر السنوات أنها استراتيجية بلا فائدة في ‏تفكيك التنظيم وقطع دابر قادته، بل العكس ‏هو ما يحدث بالفعل، ولا فارق يُذكر بين قتلهم أو تركهم أحياء.‏‎

‏‎"‎أمثلة سابقة"‏
وتأكيدًا على ذلك، فحين قتل أبو مصعب الزرقاوي، قائد فرع تنظيم القاعدة في العراق عام 2006 عندما ‏تحول كل سنة العراق ضد التنظيم، جاء مقتله نتيجة لتراجع مجموعته وليس ‏سببًا في تراجعها، كذلك كان ‏مقتل أسامة بن لادن زعيم القاعدة عام 2011 ، بعد حرب دامت عقدًا كاملًا من الزمان شنت فيها ‏حروب ‏لاقتلاع جذور القاعد من أفغانستان وبذلت جهود مماثلة في باكستان ولم يحدث.‏

‏"يزيده صلابة"‏
‏اعتماد الإدارة الأمريكية القادمة على نفس السياسة سيزيد صلابة التنظيم في البحث عن قادة أكثر قوة ‏وذات وجوه غير مألوفة ‏إعلاميًا، ويخروجون ألف زعيم غير البغدادي، وفقًا لمراقبون في شؤون ‏الجماعات الإرهابية، الذين حذروا في تصريحات لـ"الدستور" من سيناريوهات خطيرة تحيط استهداف ‏داعش عسكريًا.‏

‏"خلق الزعماء"‏‎
‏"طبيعة ظروف الحروب الميداينة تخلق كل ساعة زعماء وقادة عسكريين جُدد، وبالتالي فإن قتل أبو بكر ‏البغدادي واعتماد أمريكا على تلك السياسة بشكل مباشر ليس له تأثير كبير في حربها ضد التنظيم، وفقًا ‏لرؤية سامح عيد، الباحث في الشؤون الجماعات الإسلامية.‏

ويضيف: "القادة الذين تقتلهم أمريكا من تنظيم داعش، يستطيع الأخير جذب أضعافهم خلال ‏ساعات، ‏بسبب قوته واعتماده على الظروف البيئية التي يعشيونها الشباب في بلادهم، واللعب على ‏وتر ‏محاربة العدو الأمريكي، بل أنه يزيد من صلابة التنظيم في البحث عن ما هو أقوى، والاستعداد ‏الدائم ‏بالبدائل".‏‎

وأشار إلى أن حماس الشباب يؤهلهم إلى الصعود في درجات التنظيم والوصول إلى حد ‏الزعامة ‏العسكرية، والقدرة على مواصلة الحرب، فالتنظيم لديه شباب وقادة عسكريين يتوالدون بشكل ‏دائم، ويتم ‏توظيفهم في الوحدات الأقل في التنظيم ثم الوصول سريعًا إلى مرتبة الزعامة، ويضحون قادة لا ‏يُستهان ‏بهم ويخضون معارك عنيفة.‏

‏"استهلاك إعلامي"‏
تصف الدكتور نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، تصريحات "كلينتون" بمحاولة ‏للاستهلاك الإعلامي وجذب مزيدًا من الأصوات لها خلال الانتخابات الأمريكية، مشيرة إلى أن داعش ‏تنظيم إرهابي فضفاض ومنتشر جغرافيًا لا يمكن القضاء عليه في يوم وليلة.‏

وتضيف: "بمقتل البغداي لن تنتهي داعش، لأنه ليس حركة أو تيار إرهابي صغير ومنشق، ولكنه تنظيم ‏كامل بتعداد كبير وقوي، لن يغلب في تصعيد ألف زعيم غيره ونواب كثيرون، بل أن الاكتفاء بقتل ‏زعمائه يدفعه لمزيد من محاولات استقطاب شباب أقوى ذو نفوذ أعتى".‏

وترى أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تنتهج سوى سياسة قطع الرؤس غير المفيدة، التي أتبعها التحالف ‏الدولي المكون من 50 دول منذ سنوات ولم يخرج بجديد، فهناك نحو 13 إتفاقية داخل الأمم المتحدة لم ‏تُفعل، كذلك قرارات مجلس الأمن.‏

"تحذيرات خطيرة"‏
ومن جانبه أوضح اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، أن تصريحات "كلينتون" ليست إلا مزايدات غير ‏محسوبة، لأن القضاء على التنظيمات الإرهابية لا يتم بمقتل زعمائها، لاسيما أن مسألة وجود البغدادي ‏على قيد الحياه مشكوك فيها ولا يمكننا الجزم بإنه حي، وبالرغم من ذلك لازال التنظيم قويًا.‏

وحذر الخبير العسكري من خطورة إتباع أمريكا لسياسة قطع الرؤوس، واستهداف قيادات التنظيم من أجل ‏هزيمته عسكريًا فقط، موضحًا أنه في هذه الحالة يلجأ التنظيم إلى طريقة جديدة للانتشار ليست على أرض ‏الواقع، ولكن من خلال شبكات الإنترنت والعالم الافتراضي، وبدلًا من أن كان تنظيم معروف جغرافيًا ‏أصبح شبحًا، فلا بد من مواجهته فكريًا أولًا ثم القضاء عليه عسكريًا.‏