رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أحمد نظيف" سياسي بسبع أرواح.. خرج من الجامعة وعاد إليها وكله بالقانون

جريدة الدستور




"الشعب المصري غير مؤهل سياسيا وبحاجة إلي التثقيف" إجابة سريعة من رئيس الوزراء المصري أثناء زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية، حول أسباب تعطل المسار الديمقراطي في مصر، تسببت في إثارة عاصفة من الجدل والسخط آنذاك، بعدما صنفها الجميع تصريح يأتي تحت مظلة التهكم المرفوض، ليخرج لاحقًا مدافعًا عن نفسه، مؤكدًا أن تصريحاته تم نزعها من سياقها وتحريفها عن مسارها.

الإجابة السابقة صدرت من فم الدكتور أحمد نظيف آخر رئيس وزراء مصري في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، والتي كانت سياسات حكومته واحدة من الأسباب الرئيسية لإندلاع ثورة المصريين في يناير.

"نظيف" خريج كلية الهندسة قسم الاتصالات، وأحد رواد وعلامات هذا المجال، يعود الفضل إليه في دخول خدمات الإنترنت بمصر، بعدما شغل منصب وزير الإتصالات في حكومة الدكتور عاطف عبيد، وهو ما رفع من أسهمه للصعود نحو رئاسة مجلس الوزراء.

دخل الدكتور أحمد نظيف مجلس الوزراء بعد حقبة شهدت تدميرًا وتجريفاً وتدميرًا للقطاع العام المصري نتيجة سياسات الخصخصة التي تبناها عاطف عبيد، لتأتي باكورة تصريحاته بصيغة غير مبشرة، بتأكيده علي أنه سيعمل بكل ما أوتي من قوة علي إستكمال مسيرة سابقه.

سبع سنوات قضاها "نظيف" رئيسا للحكومة، نجحت خلالها سياساته في تحقيق معدلات نمو مرتفعة اقتربت من 7% بالمئة، لم يجني السواد الأعظم من المواطنين منها أي شىء يذكر، ليبقي الحال كما هو عليه، ويبقي لسان المصريين يردد "من عبيد لنظيف يا قلبي لا تحزن".

لكن تبقي السمة المميزة لعهد أحمد نظيف هو توحش السياسات الرأسمالية بطريقة مسبوقة لم تعهدها مصر من قبل، بعدما نشأت حالة من التزواج بين السلطة ورأس المال، أسهمت في تضخم شبكات الفساد، والتي اعتقدت بأنها تعمل في مأمن من المساءلة والحساب، لكن جاءت ثورة يناير لتزلزل أقدام أباطرة الفساد بداية من الرئيس المخلوع مبارك مرورً بسحرة نظامه وفي القلب منها حكومة نظيف.

لم تكد ثورة يناير تضع أوزراها ويغادر ثوارها الميادين، حتي جاء قرار النائب العام بضبط عدد من أركان نظام مبارك، كان علي رأسهم أحمد نظيف، والذي مثل أمام المحكمة في تهم تتعلق بالفساد، كان منها قضية اللوحات المعدنية.

توالت الأحكام علي رأس "نظيف" الواحدة تلو الأخري، لدرجة جعلت الاعتقاد السائد لدي عدد كبير من قطاعات الشعب المصري، بأنه سيقضي ما تبقي من عمره نزيلًا في غياهب السجون، يكفر ما ارتكبه من آثام بحق الشعب المصري.

لكن توقعات المصريين سرعان ما ذهبت سدي، بعدما تكمن "نظيف" من اقتناص البراءة في كافة القضايا المتهم فيها الواحدة تلو الأخري فيما عرف بمهرجان "البراءة للجميع"، ليجد نفسه بين عشية وضحاها برىء من تهم الفساد التي طالته براءة الذئب من دم بن يعقوب.

وعلي خلاف رموز الرئيس المخلوع حسني مبارك، ممن اختاروا طواعية الإنزواء بعيدًا عن الأضواء واعتزال العمل السياسي إلي الأبد،معلنين أنهم يقضون أوقاتهم في العبادة ، يتلون آيات الله آناء الليل وأطراف النهار، ريثما يغفر لهم الله ما اقترفوه من آثام بحق الشعب المصري، اختار أحمد نظيف السير عكس التيار مقررًا العودة من جديد عبر ساحة التدريس بالجامعة، الأمر الذي قوبل بالموافقة من قبل مجلس الجامعة بعد سقوط الأحكام القضائية الصادرة بحقه، ليردد الجميع في صوت واحد "ياثورة ما تمت ".