رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من تيران وصنافير إلى "خيوس" اليونانية.. فوبيا ترسيم الحدود تصيب المصريين.. مسؤل سابق يدعي مصريتها.. والأوقاف تنفي التنازل عنها.. ووفد مصري يزور الجزيرة لاستثمارها

جريدة الدستور


فوبيا سياسية أوشكت أن تصيب الشعب المصري، كلما رنت في آذانه عبارة "ترسيم الحدود".. فلم تلبث أن تهدأ نيران الغضب الشعبي حيال قرار ضم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين، إلا اشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية بعد إنتشار بعض الإدعاءات عن ملكية مصر لجزيرة "خيوس" باليونان، وتنازل الحكومة المصرية عنها عقب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان.

إدعاء مصريتها:

وفي تصريح تليفزيوني، قال عاطف عثمان، مدير عام إدارة الأوقاف والمحاسبة السابق، خلال لقائه ببرنامج "يوم بيوم" على قناة النهار الفضائية، أن مصر لديها جزيرة فى اليونان تسمى جزيرة "تاتيوس" تبلغ مساحتها 50 كيلو متر مربع وتمتلكها مصر بالكامل.

وأضاف، أن مصر لديها قصر لمحمد علي باشا في مدينة "قولا"، وكذلك مكتبة، ومكتب لتحفيظ القرآن، ومدرسة لتعليم البحارة المصريين فى اليونان، وحاليًا يقام عليها فندق يدعى "الأمريت"، والهيئة أجرت ذلك المكان للفندق، وفي عام 1997، تم بيع أربع عقارات من ممتلكات الأوقاف بمدينة كفلا باليونان بمبلغ 77 مليون دراخمًا، وكل 112 دراخمًا بدولار واحد.


تاريخ الجزيرة:

و"خيوس" هي جزيرة يونانية في بحر إيجه، وتعتبر خامس جزيرة في اليونان من حيث الحجم، وتبعد 7 كم عن الساحل التركي، ويقطنها 51,936 شخص، وتحتوي على العديد من المعالم السياحية سواء الإغريقية أو البيزنطية أو الإسلامية، أبرزها المتحف البيزنطي والمسجد العثماني القديم، وقلعة محمد علي.

ويعود تاريخ هذه الجزيرة إلى القرن التاسع عشر، إذ وقعت حربًا ضروساً بين الدولة العثمانية، واليونان، وبناء على طلب من السلطان العثماني، أرسل محمد علي حملة عسكرية فى إبريل عام 1826، للمشاركة فى الحرب المعروفة تاريخيًا بحرب "الموره"، وبالفعل تمكن الجيش العثماني بمساعدة الجيش المصري من قمع تلك الثورة، وتعبيرًا عن العرفان لمحمد علي، أهدى السلطان العثماني الجزيرة لمحمد علي.

وسرعان ما اندلعت الخلافات بين السلطان العثماني ومحمد علي، فقام الأخير بإعداد حملة عسكرية للاستيلاء على بلاد الشام عام 1832، وبالفعل وصلت الحملة إلى حدود هضبة الأناضول، وهددت السلطان العثماني الذى استغاث بالروس للمدافعة عن عرشه.

وفي عام 1840، انقلبت الأمور رأسًا على عقب، حين أعد السلطان العثماني بمساعدة الإنجليز جيشًا ضخمًا، وتمكن من طرد المصريين من بلاد الشام، وعلى إثر تلك المعركة فقد المصريون الشام وكذلك جزيرة خيوس، وانقطعت صلة مصر بها.


دعاوى قضائية:

وأقام المحاميان حميدو جميل البرنس، وعلي أيوب، أول أمس، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، لوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان.

وطالبت الدعوى بإلغاء ما يترتب على الإتفاقية من آثار، أخصها بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على الإتفاقية الخاصة بترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان ، فيما تضمنته من التخلي والتنازل عن جزيرة تشيوس واستمرار هذه الجزيرة ضمن الأوقاف المملوكة لمصر واستمرار نفاذ عقد إيجار الجزيرة بين الجانبين مع قيام المطعون ضدهم باتخاذ الإجراءات الدولية الكفيلة بالحفاظ على حقوق مصر في الجزيرة والمطالبة بريع الإيجار السنوي مع عرض الاتفاقية على مجلس النواب.

وذكرت الدعوي أن الحكومة اليونانية رفضت سداد مبلغ مليون دولار قيمة إيجار جزيرة تشيوس السياحية للأوقاف المصرية طبقًا للعقد المبرم بين الحكومة اليونانية والحكومة المصرية سنة 1997 يؤكد فيه الطرفين ملكية الجزيرة لمصر وتقع ضمن أراضي الأوقاف المصرية.


الحكومة تنفي:

من جانبه، كشف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أنه فى ضوء ما أثير من أنباء تفيد بتنازل مصر عن جزيرة "تشيوس" لليونان بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان عام، تواصل المركز مع وزارة الخارجية والتى أكدت أن هذا الخبر عار تمامًا من الصحة.

وأضاف المركز فى بيان له اليوم، أن وزارة الخارجية أكدت أن جزيرة "تشيوس" اليونانية تعود ملكيتها من الأصل للدولة اليونانية وليست ملكاً للدولة المصرية على الإطلاق، وأنها ملتصقة جغرافيًا بالحدود اليونانية وبعيده كل البعد عن الحدود المصرية ولم تكن في يوم من الأيام ملكًا لمصر أو خاضعة للسيادة المصرية، ولم يتم ترسيم أى حدود بحرية مع الجانب اليوناني حتى الآن، مشيرة إلى أن لمصر بعض الممتلكات تتبع وزارة الأوقاف المصرية على جزيرة ثاسوس اليونانية.

وزارة الأوقاف:

وفي سياٍق متصل، نفت وزارة الأوقاف ما تردد بشأن تنازلها عن بعض أملاكها بجزيرة ثاسوس اليونانية، وأضافت أنها لم تتنازل عن أي من أملاكها لا باليونان ولا بغيرها.

وأوضحت وزارة الأوقاف في بيان لها أمس الإثنين، أنه لا صحة على الإطلاق لما يشاع كذبًا وافتراء بشأن تنازلها عن بعض أملاكها بجزيرة "ثاسوس".

وأعلنت الأوقاف، أن وفدًا رفيع المستوى من هيئة الأوقاف المصرية برئاسة وكيل وزارة الأوقاف لشئون الإستثمار بالهيئة، وبحضور ممثلين عن وزارة الآثار، وهيئة التنمية السياحية، وبعض الجهات الأخرى بالدولة، سيتوجه إلى دولة اليونان عقب عطلة عيد الأضحى المبارك لدراسة الإستثمار الأمثل لأملاك هيئة الأوقاف باليونان، وترميم ما يحتاج إلى ترميم من الآثار المملوكة لها بمدينة كافالا وجزيرة ثاسوس .

وشدد البيان على حرص الأوقاف على الحفاظ على أصول كل الأوقاف سواء الأهلية أو الحكومية وتنميتها وحسن إدارتها بما يعود بالنفع على المجتمع.

وتضم أوقاف محمد علي باشا فى اليونان، مجمع معماري ضخم يعرف باسم "الإيمارت" بجزيرة "كفالا"، وهى " قصر والد محمد علي باشا، والذى شهد ولادة الوالي المصري عام 1769، والمدرسة البحرية التى بناها محمد علي عام 1847 على بحر إيجه، وقصر ومبنى بمساحة 11 ألف متر، و17 قطعة أرض، ومبانٍ تاريخية أخرى وأراضٍ فضاء وبساتين مثمرة، وبعض المنازل القديمة التى تم بناؤها على الطراز الفرعونى".