رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلي يكتب .. معركة الوزير والمحافظ « 3»

جريدة الدستور

لا شك أن معركة الوزير أحمد زكى بدر، والمحافظ محمد عبد الظاهر وضعت المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء فى حرج شديد، لأنه أى- رئيس الوزراء - طرف فى المعركة ومنحاز بجانب الوزير، وهو نفسه الذى سيقوم بإجراء حركة المحافظين بعد اطلاعه على تقارير وزير التنمية المحلية وتقارير الأجهزة الرقابيه وتقارير تقييم الأداء.

وأمام رئيس الوزراء خيارات ثلاثة جميعها صعبة.. الخيار الأول هو استبعاد المحافظ وخروجه فى الحركة وهو ما لا يرضاه الرأى العام وسيخسر رئيس الوزراء كثيراً إذا لجأ إلى هذا الخيار ، لأن الرأى العام سيرى فى هذه الحالة أن المحافظ دفع منصبه ثمناً لمحاربة الفساد ، وأن الإطاحة به تستهدف إفساح المجال أمام صفقة بيع أرض كارفور التى ستهدر على الدولة مليار جنيه .. وسيتولد انطباع سيئ لدى الرأى العام داخل وخارج الإسكندرية أن الحكومة لا تتستر على الفساد وفقط .. بل تنكل بكل من يتصدى له .. وفى هذه الحالة ستظل هذه القناعة نقطة سوداء تلاحق المهندس شريف وحكومته، حتى بعد خروجه من الوزارة.

أما الخيار الثانى، فهو نقل المحافظ إلى محافظة أخرى وهو خيار لن يحل المشكلة لأنه إذا كان الرأى العام سيرى فى هذه الحالة أن استمرار المحافظ سيسقط عن الحكومة تهمة التنكيل بمن يتصدى للفساد .. إلا أنه سيفهم فى الوقت نفسه أن إزاحته عن المحافظة، يعنى إفساح الطريق لإتمام الصفقة التى تفوح منها رائحة الفساد.

أما الخيار الثالث: وهو الحاصل حالياً فهو تجميد حركة المحافظين وتأجيلها عدة أسابيع حتى تهدأ الأمور .. والرهان فى هذه الحالة سيكون على أن الشعب سينسى المعركة، وسينسى ما حدث بين الوزير والمحافظ.. وهذا الرهان خاسر لا محالة لأن ذاكرة الشعب حديدية، ولا ينسى بسهولة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالفساد ، وأن وقائع المعركة أصبحت على الهواء ، وأن الدولة طرف أصيل فيها . لهذا لن تنجح الخيارات الثلاثة فى الخروج من الأزمة .. والحل الوحيد هو الشفافية .. فمصارحة الشعب ومعاقبة الفاسد أياً كان منصبه هو الحل، الذى يرضى الشعب ويمتص غضبه.

إننا لن نستطيع أن نتهم أحداً، ولكن نطالب بتشكيل لجنة تقصى حقائق كما حدث فى قضية فساد القمح، بعدها نعلن الحقيقة على الشعب مهما كانت .. ويجب ألا ننسى أن موضوع المعركة يزيد الأمور تعقيداً .. لأن القضية تتعلق بواقعة فساد تتضمن إهدار مليار جنيه كما قلت فى صفقة واحدة .. والأزمة تتعلق أيضا بأرض لم يحاول أى محافظ أو وزير أن يقترب منها طوال السنوات الماضية.