رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسلم أو مسيحى ...كلنا مصر


مسلم أو مسيحى كلنا مصر وكلنا مصريون، لا فضل لأحد على أحد فى بلدنا، ولا يصح أن يكون هناك تمييز بيننا بسبب الدين أو الجنس.

مسلمة أو مسيحية أياً كانت صلاتك فهى لله وأياً كانت معتقداتك فهى بينك وبين ربك، فكلنا مصريات.

أنا من جيل نشأ على المحبة والتراحم واحترام الكبير واحترام الأديان، وهذا فخر لى لأَنِّى مصرية أعيش على أرض احتضنت كل الأديان وكل الحضارات، وبدأت بها الحضاره الإنسانية، أنا من جيل كانت أقرب صديقاتى إلى قلبى مسيحية، فى يوم الجمعة تذهب إلى الكنيسة وأنا فى يوم الجمعة أصلى فى بيتى، وفى الكريسماس نقتسم الكعك وفى عيد الفطر نقتسم الكعك، كنّا نذاكر معاً ونتزاور ونتبادل المقاعد فى أتوبيس المدرسة، ولاتزال سلوى صديقتى التى أحبها وأحرص على السؤال عليها وعلى أسرتها . أنا من جيل لا يعرف التمييز بين مسلم ومسيحى، وكانت الفتيات الشابات والفتيان الشباب فى الستينات والسبعينات حينما كنا لا نزال فى سنوات الدراسة فى المدارس والجامعات حينذاك يحبون الحياة والفنون، ويرتدون أحدث موضات فى شوارع القاهرة، فالشابات يرتدين البلوزات دون أكمام والفساتين القصيرة لكنها محتشمة، وقصات الشعر آخر موضة، وكان الشباب يحرصون على الخروج بشكل أنيق وبملابس عصرية تضاهى أحدث الموضات الغربية، وكنا نحب الأغانى الرومانسية لحليم وأم كلثوم وفريد وأنريكو ماسياس وداليدا وغيرهم من مشاهير الطرب فى العالم، وكنا نذهب يوم الجمعة معاً لنشاهد أحدث الأفلام الرومانسية الأجنبية أو العربية، كنّا نعرف العيب والحرام، ونحب بلدنا ونفتخر بأننا مصريون، كانت مصر زمان أجمل، انظر الآن إلى شوارعنا وإلى ملابس المصريين منذ الغزو الوهابى، ومنذ محاولاتإضعاف مصر بتغيير شكل مجتمعها من خلال دعوات ظلامية لا تمت للدين بصلة، ولا للتسامح بصلة، ولا لجذورنا العريقة بصلة، إن الدعاوى الآن التى تحاول بث الفتنة لاتزال تريد أن تنتهز أية فرصة لتأجيج الكراهية ونشر الحقد والتمييز بين مواطنى مصر مسلميها ومسيحييها، إنهم يريدون زرع الفتنة لأنهم لم ينجحوا فى مشروع التقسيم. ولا فى مشروع إعطاء حكم مصر للظلاميين، إن الشعب المصرى لابد أن يعى أن محاولات إثارة الفتنة الطائفية لن تهدأ، ولكن لابد أيضا وفى المقابل أن تعمل الدولة على تطبيق الدستور، أى أن تقف مع العدالة والمساواة بين كل المواطنين على السواء، لا أن تغض البصر عما يحدث فى الصعيد من التعدى على أشقائنا المسيحيين، أن الدولة لابد أن تقف أمام تيار الدعاوى السلفية التى تهاجم الدين المسيحى ، وأن تعمل على حماية كل محاولات إشاعة التطرّفوالفتنة وبث التفرقة بين المسلم والمسيحى ، هم أصحاب أرض مثل المسلمين وأشقاء فى الوطن مثل المسلمين.

إننى أعتقد أنه لابد من وقفة لإجراء حوار مجتمعى حول قانون بناء الكنائس الذى وضعته الحكومة ووضعت فيه شروطاً تغضب أشقاءنا المسيحيين، وذلك قبل أن يتم إقراره فى مجلس النواب، ان دعوات التشدد والتطرف ومنع بناء الكنائس لابد أن تتوقف ، ولابد ان نعود إلى الدستور المصرى الذى يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية بشكل علنى وبغير قيود، كما أن مصر عليها أن تلتزم بالمواثيق الدولية التى وقعتها فى شأن حرية ممارسة العقائد، لقد قدمت الحكومة مشروع بناء الكنائس إلى مجلس النواب للموافقة عليه، بينماهناك ملاحظات مهمة لاشقائنا المسيحيين عليه، وإننى اتسائل لماذا هناك جامع ومسجد وزوايا تبنى بكل حرية، بينما بناء كنيسة يحتاج إلى موافقة محافظ وإجراءات كثيرة ومحاذير قبل الموافقة؟!، إن الحل ان يكون لدينا قانون موحد لدور العبادة، سواء للمسلمين أوللمسيحيين لتتحقق المساواة بين المواطنين كما جاء فى الدستور، وليتحقق مبدأ المواطنة لكل مصرى دون النظر إلى دينه أو جنسه.

إن هناك مناخاً من الكراهية يحاول أصحاب العقول المتحجرة بثه، ويحاول أصحاب الرؤية المتطرفة نشره وجعله أمراً عادياً، لكننى أقول إنه مناخ مسموم، لم تره مصر من قبل، وعقليات متشددة تحاول تغيير هوية المجتمع المصرى الذى عرف واشتهر بالتسامح والطيبةوالشهامة وحب الخير واحترام الأديان، والمحبة ورعاية الجار، والسؤال على المريض، وحب الفنون والثقافة، وقبل هذا حب الحياة.

إن قانون بناء الكنائس ليس هو فقط المشكلة التى ستواجهنا، وإنما المشكلة فى عقليات متحجرة وخطط جهنمية مستمرة، لكننا لابد أن نواجهها وأن نوقف تيارها الحالى، والذى ينذر بالخطر...لأنها خطط تريد تسميم مناخ المجتمع المصرى، وتغيير الهوية المصرية العريقة، وهذا يستدعى أن ننتبه جميعاً لأننا مسلم أو مسيحى كلنا مواطنون مصريون، وعلينا كعقلاء نحب مصر أن نحافظ عليها، وأن نحرص على السلام الاجتماعى فى وطننا، لتستمر مسيرة التقدم والتنوير..