رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏"لغز التغريدة الإماراتية المثيرة".. مستشار ولي عهد أبو ظبي يشيد بتقرير "الإيكونوميست".. لماذا لم ‏تطلب الخارجية المصرية توضحيًا لـ"النصيحة الخليجية" الغامضة؟

جريدة الدستور

أثارت التغريدة التي أشاد فيها مُستشار ولي عهد أبو ظبي، الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله، بتقرير مجلة "الإيكونوميست"، جدلا كبيرا، كما طرحت الكثير من التساؤلات حو المراد منها، خصوصًا أنه تحدث فيها بلغة الجمع، حين طالب الرئس السيسي بالاستماع إلى "نصيحة عواصم خليجية".

‏"استمع للنصحية"‏
النصيحة التي قدمها مُستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد للرئيس السيسي، هي الاستماع إلى ما قالته ‏‏"الإيكونوميست"، وكل السلبيات والأزمات التي حواها تقريرها عن مصر، مؤكدًا أنها نصيحة من عواصم خليجية، معنية بمستقبل مصر، دون أن يكشف عنها.

وأضاف في تغريدته على موقع تويتر: "الإيكونوميست تدعو الرئيس السيسي لعدم الترشح للرئاسة 2018 ، وربما حان الوقت ‏أن يسمع هذه النصيحة الحريصة من عواصم خليجية معنية بمستقبل الاستقرار في مصر".‏

‏"رجل دولة"‏
يُعتبر مستشار ولي عهد أبو ظبي، أحد الرجال الدولة المُقربين من دائرة الحكم في الإمارات، بل يُمكن ‏القول أنه يتحدث بلسانها ومُمثل عنها، حيث أنه عضو مُؤسس وفاعل في العديد من الجمعيات المهنية ‏والثقافية والتطوعية الإماراتية والخليجية والعربية، من بينها: "‏‎"‎لجنة الإمارات الوطنية لمقاومة التطبيع ‏مع العدو الإسرائيلي". ‏

وقد تكون هذه التغريدة مُعبرة بنسبة كبيرة عن رؤية إماراتية مُحددة، وليست وجهة نظر شخصية، فقد ‏تكون دوائر الحكم الإمارتية أعطته الضوء الأخضر للتعبير عن قلق العواصم الخليجية والعربية من ‏الأوضاع في مصر، وهو ما حدد له مراقبون أكثر من تفسير يقف خلف هذه التغريدة الغريبة.‏

‏"توجهان"‏
الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أوضح أن التغريدة ‏لها بُعدين، الأول إذا أُخذت على مستوى العلاقة الشخصية الحميمة التي تجمع بين الرئيس السيسي وولي ‏عهد أبو ظبي بعيدًا عن التوجهات السياسية، وهو ما ينفي وجود توجه إماراتي لعدم ترشحه لفترة جديد.‏

وأضاف: "والبُعد الثاني، إذا أُخذ على مستوى الدولة بالدولة أو الإدراة السياسية بالإردة السياسية، وهو بأن ‏يكون هذا التوجه سياسي على مستوى الدولة، وليس تعبيرًا لوجه نظر شخصية، مشيرًا إلى أن هذا الطرح ‏يتناقض مع كون الإمارات إحد أهم دول الخليج الداعمة لمصر".‏

وأشار إلى أن التغريدة قد تهدف أيضًا إلى تقديم النصيحة لمصر بالاكتفاء بعهد رئاسي واحد، بعدما عمل ‏الرئيس على تثبيت دعائم الدولة، وحسب له التاريخ مواقفه في 3 يوليو، و30 يونيو، والتشديد على ‏ضرورة إدارك مصر لأهمية مخاطر التقرير والبدء في التعاطي معه.‏

فكل تلك المؤشرات تدل على أن تقرير "الإيكونوميست" آثار جدل على مستوى الخليج والدول العربية، ‏التي بدأت تعلق بدورها على الوضع في مصر، وتدق نواقيس الخطر، لاسيما أن التقرير تشوبه الواقعية ‏بنسبة كبيرة، وفند الأوضاع المصرية والسياسية والاقتصادية، وفقًا لرؤيته.‏

وأشار إلى أن كلمة "عواصم الخليج"، تعني أن الوضع الاقتصادي المصري، بات مقلق بالنسبة لدول ‏الخليج، في ظل اهتمام الدولة بمشاريع كبيرة تأتي بعوائد متأخرة، إلى جانب أزمة الدولار، وسقوط الجنيه ‏المصري في الهاوية، وهو ما لعب عليه تقرير الإيكومونيست، بأن أزمات مصر المتصاعدة تضر ‏بمصالحها الخليجية.‏

‏"صمت الخارجية"‏
وما يزيد الأمر تعقيدًا، هو عدم صدور أي رد فعل رسمي من جانب الخارجية المصرية، فلم تعلق على ‏التغريدة، بالرغم من اطلاقها بيان شديد اللجهة من قبل المتحدث باسم الوزارة، ردت فيه على تقرير ‏الإيكونوميست بعد ساعات قليلة وفندت كل محاوره.‏

وما يثير الغرابة بشكل أكبر، هو الاعتناء الدائم من قبل الخارجية المصرية، بمتابعة الحسابات الشخصية ‏لكبار المسؤولين في دول العالم، بل والرد عليها، وعدم انتظار البيانات الرسمية من الدول ذاتها.‏

وتأكيدًا على ذلك نتذكر ردها بتاريخ 20 يونيو عام 2015، على التغريدة الناقدة، لمندوبة الولايات ‏المتحدة، لدى الأمم المتحدة "سامنثا باور" حول أحكام الإعدام في مصر.‏

ورفض وقتها المتحدث الرسمي باسم الخارجية، ما اعتبره تدخل في الشأن الداخلي المصري، مُشيرًا إلى ‏أن تلك الأحكام مُتعلقة بأعضاء الجماعة الإرهابية وما اقترفوه من جرائم، لاسيما في قضيتي التخابر ‏والهروب من وادي النطرون‎.‎

واعتبر وقتها مراقبون، أن تغريدة أبو زيد، بمثابة رسالة لاذعة إليها لتعليقها على أحكام القضاء دون دراية ‏منها بمراحل التقاضي في مصر بما يكفل النزاهة والعدالة‎.‎

‏"لا نمتلك ردا"‏
وهو ما فسره الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، بأن الخارجية المصرية لا تمتلك ‏ما ترد به على هذه التغريدة من حجج وأدلة، ولا يمكنها كالعادة الاستناد إلى الكلام الدبلوماسي برفض ‏التدخل في شؤنها لأن من يتحدث ليس دولة أوروبية بل عربية خليجية تربطها بمصر علاقات جيدة.‏

وأشار إلى أن الإمارات تتكلم من منطلق الخوف على مستقبل مصر ووضعها الراهن، الذي يرتبط بشكل ‏كبير بأوضاع الخليج، فلا بد أن ترد عليها مصر بأسباب منطقية، وليس مجرد بيانات جامدة لا طائل منها ‏سوى التنديد.‏

‏وأوضح أن التغريدة تشي بوجود غضب خليجي على الوضع الاقتصادي المصري، لاسميا أن دول الخليج ‏تقدم الدعم المادي لمصر ولا تجد مقابل، سوى مزيدًا من التدهور، واختفاء القيادة الاقتصادية المصرية من ‏المشهد.‏

ولفت إلى أن الاقتصاد يعتبر عمود دول الخليج، ولا تقبل بانهياره في أي دولة تربطها بها المصالح، وهو ‏ما لعبت عليه "الإيكومونيست" والإمارات، التي يهمها وضع الاقتصاد المصري الذي وصل إلى مرحلة ‏صعبة.‏

"تنبؤات الإيكونوميست"‏
جدل تقرير المجلة البريطانية، لم ينته إلى هذا الحد، بل أنه أعطى الفرصة للبعض على مواقع التواصل ‏الاجتماعي بالتعويل على أن التقرير تحدث عن إمكانية حدوث ثورة قريبًا في مصر، وأعادوا ‏نشر صورة تبنأت فيها "الإيكومونيست" بتاريخ 26 يوليو عام 2010، بحدوث ثورة 25 يناير قبلها بنحو ‏‏6 أشهر.‏