رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"النيل يتمرد علي دولة السدود".. الفيضانات تضرب إثيوبيا وتنقذ المصريين من شبح الجفاف.. وخبراء: 3 فوائد تعود علي القاهرة

جريدة الدستور

رغم اضطراب المشهد في كلًا من السودان وإثيوبيا؛ بسبب استمرار هطول الأمطار الغزيرة فيهما، إلا أن ‏الأمر يحمل في طياته بُشرى سارة لمصر، لاسيما مع تنبؤات البعض بارتفاع منسوب النيل، وزيادة ‏فيضانه إلى مرحلة فوق المتوسط، التي اعتبرها مراقبون طوق نجاة جديد لمصر.‏

‏"الأمطار تغزو إثيوبيا والسودان"‏
منذ الجمعة الماضي وحتى الآن، يهدد النيل إثيوبيا، بعد إعلان تمرده السنوي، على إثر هطول أمطار ‏غزيرة على الهضبة الإثيوبية، مما مثل خطرًا على المدن والقرى الموجودة من المنبع إلى المصب، كذلك ‏فإن السودان شهدت سيول غير مسبوقة خلال الأيام الماضية.‏

وكشف وزير الداخلية السوداني أن الأمطار والسيول أحدثت خسائر وأضرارًا كبيرة في الأنفس ‏والممتلكات في 13 من ولايات السودان، ما أسفر عن مصرع 76شخصًا.‏

وأضاف:"الوضع ما زال مقلقًا بسبب الآثار التي لم يتم احتواءها، مع استمرار التهديد وسط توقعات ‏بهطول مزيد من الأمطار بمعدلات عالية وارتفاع مناسيب النيل". ‏

‏"ارتفاع الفيضان"‏
ومن جانبها دعت وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودان، سكان ولايات الخرطوم ونهر النيل ‏والشمالية لاتخاذ التدابير اللازمة، مع ارتفاع مناسيب النيل من محطة المقرن إلى دنقلا‎.‎

ووفقًا لتقرير مركز التنبؤ بالتغيرات المناخية، فمن المتوقع أن يفوق فيضان النيل هذا العام نظيره العام ‏الماضي والذي بلغ 20 مليار متر مكعب فقط من 55.5 مليار متر حصة مصر سنويًا، وسيصل إلى ‏مرحلة فوق المتوسط.‏

وقال المركز، بعد قياس معدلات سقوط الأمطار وقياس السحب بالإضافة إلى التنبؤات هيئات الأرصاد ‏الدولية والإقليمية والعالمية، فإن فيضان النيل يمر بدورة زمنية يبلغ مداها 21 عامًا تتباين فيها معدلات ‏سقوط الأمطار ما بين المتوسط والعالي والضعيف‎.‎

‏"شبح الفيضانات"‏
وتحبس كلًا من إثيوبيا والسودان أنفاسها بسبب تلك المؤشرات التي لا تحمل الخير لكلًا منهما، علي خلفية تجاربهما السوداء مع الفيضانات على مر التاريخ، فقدت شهدت إثيوبيا امطارًا مُشابه خلال عام ‏‏1919، الذي خلف خسائر ودمارًا على طول مجاري الأنهار، في مدن كسلا وعطبرة وادمدني ‏والحصاحيصا وغيرها من المدن والجزر على نهر النيل. ‏

وفي عام 1988، شهدت السودان أعتى الفيضانات التي ضربت البلاد، وقتل بسببها عشرات الأشخاص ‏وفقد نحو مليوني شخص منازلهم بعد فيضان نهر النيل في شمال ووسط البلاد، وأيضًا في عام 2003 ‏شرد فيضان نهر القاش نحو 65 ألفًا و70 ألف أسرة.‏

‏"مصائب قوم"‏
ويأتي هذا المشهد المضطرب تزامنًا مع احتفال مصر بالعيد السنوي للفيضان لمدة أسبوعين بدءًا من 15 ‏أغسطس الجاري، حاملًا الخير لها؛ بسبب ارتفاع منسوب المياه في النيل الأزرق بالسودان، والذي سيصل ‏مصر خلال أسبوعين، ضمن حصة مصر والسودان من مياه النيل، التي تقدر بـ84 مليار متر مكعب من ‏المياه، وتستطيع من خلاله ملء بحيرة ناصر بالمياه من جديد، بعد اعتماد عليها دام 9 أعوام.‏

‏"اكتفاء لمدة 3 أعوام"‏
الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أكد أن الفيضان الذي سيصل من إثيوبيا إلى ‏السودان ثم إلى مصر، سيحمل الخير لها قبل عيد وفاء النيل، عبر ملء بحيرة السد العالمي، بعد اعتماد ‏عليها دام 9 أعوام.‏

وأشار في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن معدل ارتفاع منسوب المياه يُسجل كل عام نحو 50 ‏مليار متر مكعب، وفي حال الجفاف أو عدم ارتفاع منسوبه يسجل 20 مليار متر مكعب فقط، لاسيما مع ‏نقص المياه في البحيرة، واستقبال مصر لنصف حصتها فقط من مياه النيل كل عام.‏

وأضاف، أن الفيضان يعوض مصر عما سحبته من البحيرة، وخصوصًا إذا وصل الفيضان إلى مرحلة ‏فوق المتوسط، مشيرًا إلى أنه في كل الحالات لن يستطيع ملء البحيرة كاملة لأنها تحتاج نحو 162 مليار ‏متر مكعب من المياه.‏

ولفت إلى أن الفائدة ستعود على مصر من أمطار أثيوبيا فقط؛ لأنها تصب في النيل الأزرق، وبحيرة ‏ناصر على السواء.‏

‏"مخزون استراتيجي"‏
وأشار الدكتور مغاوري شحاتة، أستاذ المياه بجامعة الزقازيق، في تصريحات خاصة، إلى أن المنسوب في ‏بحيرة ناصر انخفض كثيرًا، وسيكون للأمطار والفيضان دور قوي، في زيادة مخزون بحيرة السد العالي؛ ‏لمواجهة نقص المياه والجفاف، لافتًا إلى أن 85% من المياه الإثيوبية تصل إلى مصر‎.‎

واضاف أن أمطار هذا العام التي تسقط علي الهضبة الإثيوبية أهم من التي تسقط في السودان، لأن ‏مؤشراتها تشير إلى أن الفيضان سيكون فوق المتوسط هذا العام.‏

"فيضانات السودان"
وأشار الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية، أن منسوب مياه الأمطار فوق المتوسط هذا العام في السودان، وسط تخوفات من حدوث فيضانات لديها، لافتًا إلى أن تلك الفيضانات ليس لها علاقة بتغذية نهر النيل.

وأضاف أن مصر تعتمد على مياه نهر النيل بنسبة تصل إلى أكثر من 97%، وإذا حدث فيضان في نهر النيل زائد عن حاجتنا يتم تخزينه في بحيرة ناصر لاستخدامه في السنوات التي يقل فيها منسوب نهر النيل، مؤكدًا أن وجود السد العالي حمى مصر من خطورة الفيضانات وخطورة الجفاف.