من هم "الهزارة" الذين استهدفت "داعش" مظاهراتهم في "كابول"؟.. أقلية مُضطهدة تعيش في أفغانستان وتدين بالإسلام وتعتنق المذهب الشيعي.. وقتل الآلاف منهم على يد "طالبان"
العملية الانتحارية التي وقعت، مساء أمس السبت، في أفغانستان على يد تنظيم داعش، ألقت الضوء على أقلية "الهزارة"، والمعاناة التي تعيشها، بعدما ذاع صيتها في وسائل الإعلام العالمية، عقب استهدف التنظيم الإرهابي مظاهرة حاشدة لهم في العاصمة الأفغانية "كابول"؛ أدى إلى مقتل نحو 61 مواطن، وإصابة 207 آخرين.
"من هم الهزارة؟"
عُرفت الهزارة بأنها أقلية وقومية صغيرة، لم ترقي إلى حد القبيلة، تنتمي إلى العرق الأصفر ومن سلالة المغول، وتقطن وسط أفغانستان تحديدًا في المرتفعات الوسطى، ويبلغ عددها نحو 2.879.000 مليون نسمة، وتتحدث اللغة الفارسية، وتعمل في المهن البدائية كالزارعة والصناعة، وتدين بالديانة الإسلامية و تعتنق المذهب الشيعي الإمامي و الإسماعيلي.
"نشأتهم"
الهزارة في الأصل هم مجموعة من البدو من المناطق الجبلية يتنقلون بقطعانهم من الماشية والماعز والجمال بين المراعي وسلاسل الجبال، ولكن أفادت بعض الدراسات إلى أن نشأتهم الحقيقة والموثقة كانت عام 1987، في جبال "هندوكوش وبابا وهلمند" في شمال وشرق وجنوب أفغانستان، وهي المناطق التي عُرفت قديمًا باسم "الغور"، وسكنها في البداية قبائل تنتمي إلى الجنس المغولي التي عرفت بعد ذلك باسم "الهزارة".
"تاريخهم"
رغم انتمائهم للمغول، ألا أنهم تواجدوا في أفغانستان قبل ولادة القائد المغولي جنكيز خان بمئات السنين، كما أن أغلب المؤرخين الأفغان من السنة والشيعة وكذلك المحققين والمستشرقين يؤكدون على أن قوميتهم في أفغانستان له جذور تاريخية عميقة في قلب آسيا ولا يمكن ارتباطها بهجوم المغول عليها.
"لماذا سُميت بالهزارة؟"
طبقًا للغة الفارسية التي تتحدثها هذه الأقلية الأفغانية، فإن اسم "هزار" يعني 1000، وقبل دخول الإسلام كانت هذه القومية تعبد الأصنام مثل الكثير من القبائل الأخرى، وكان لديهم نحو 1000 صنم، ولكل صنم بيتًا للعبادة، وحينما أسلموا حطموا هذه الأصنام وبنوا بديلًا عنها ألف مسجد، وأخذوا من كلمة "هزار" أي 1000 اسمًا لهم.
وقال بعض المؤرخين أيضًا، أن وجه التسمية هو امتلاك مناطق الهزارة لألف نهر، أو ألف جبل مرتفع، والبعض الآخر أكد أن كلمة الهزارة، من أقدم الكلمات الفارسية وأصلها "هزالة " التي تغيرت بمرور الزمان إلى كلمة الهزارة، وهي مركبة من كلمتين هما (هو + زالة) التي تعني فرح القلب؛ لأن هذه القومية تجعل قلوبهم طيبة ومرحة، ولذلك اشتهروا بهذا الأسم.
من أشهر المسميات التي حظيت بها هذه القومية، هي: "غُور وغُورستان"، التي أطلقت عليها في القرن الأول الهجري، وكلمة "غُور" في لهجة الهزارة الفارسية تطلق على الحفر والأودية، وذلك بسبب أن المناطق التي يسكنها الهزارة تكثر فيها الأودية والحفر.
"قبائل وعشائر الهزارة"
وتتفرع قومية الهزارة إلى 22 قبيلة كالأتي: "بدخشي، لاجين، قندوز، خلم، كيان، كركك، تاتار، بنجشير، غور، المغول، نكودريان، باد غيس، ميمنة، سرخ بارسا، بد راو، قول ليج، بغل، كدي، أوغان، لوكر، بكتيا، جج هزارة ".
"اضطهادهم في العصر الحديث"
وعاشت الهزارة معاناة شديدة في أفغانستان، حيث كانت في بدايتها تحتل الموضع الأدنى في التكوين العرقي والاجتماعي المعقد لأفغانستان؛ بسبب كون قبائل "البشتون" الجنوبية كبيرة العدد تستحوذ دائمًا على السلطة السياسية، يليها قبائل "الطاجيك" الجنوبية التي تقل عنها في العدد قليلًا.
وخلال فترات مختلفة من التاريخ، كان يتم طرد الهزارة الشيعة من أراضيهم وذبحهم في نوبات من التطهير العرقي، وفي العصور الحديثة، كانوا يلتحقون بالمهن الأقل مثل العمل كخدم في المنازل أو في جر العربات اليدوية.
وتحت وطأة حكم طالبان الذي استمر بين عامي 1996 و2001، عانت الهزارة كثيرًا، وتركت مناطقها، وقتل الكثير من مواطنوها وتفرقوا في المناطق الجبلية، ووقعت تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والمادية والقمع الاجتماعي.
واشتدت هذه المعاناة بعد حادث 11 سبتمبر، حيث لم تكتف طالبان بقمع الهزارة وتفريقهم ولكن قامت بمذابح مأساوية ضدهم، الأمر الذي دفعهم إلى النزوح تجاه الجبال واللجوء إلى الكهوف للهرب من المذابح التي يشنها بحقهم أعضاء الحركة.
ويرجع اضطهاد طالبان للهزارة بسبب اعتبارهم أنهم كفرة، وقامت بقتل الآلاف منهم ودفنتهم في مقابر جماعية، وألقت بجثثهم في الآبار في حين أودع عشرات الآلاف خلف القضبان، ولازال المنتمين لهذه القومية يعيشون داخل هذه الكهوف، ولا يصل إليهم الخدمات السكانية مثل المياه والكهرباء، ما يجعلهم يعانون من نقص في الخدمات.
"تظاهراتهم"
وتنظم الهزارة كل فترة تظاهرات في العاصمة الأفغانية كابول، للتنديد بأوضاعها والتعنت ضدها، وخرجت مظاهراتهم بالأمس، احتجاجًا على تغيير مسار خط نقل الكهرباء الذي يربط بين أفغانستان وتركمانستان، ألا أن تنظيم داعش وجدها فرصة سانحة لاستهدافهم وإحداث القلائل في أفغانستان.