رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبير: فرض الضرائب والاستدانة ملخص رؤية إدارة الاقتصاد و"النتيجة كارثية"

جريدة الدستور

في توقيت لا يوصف بأقل من أنه الأصعب في تاريخ الاقتصاد المصري، فاجأتنا الحكومة بطرحها لقانون ضريبة القيمة المضافة والذي سيتسبب في زيادة الضرائب على قطاعات كبيرة من الاقتصاد المصري وبالتالي تحميل ذلك على المستهلك النهائي وهو المواطن في ظل انعدام الرقابة على الأسواق وانعدام السيطرة على جشع التجار.

وقال محمد رضا الخبير الاقتصادي، إن الأسعار ارتفعت بشكل حاد دافعة التضخم للارتفاع بنسبة لاتقل عن 3.5% إلى 4% في الوقت الذي اشتعلت فيه الأسعار خلال الفترة الماضية بشكل غير مسبوق تأثراً بالانهيار الحاد في قيمة الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي.

وأضاف: "لا يختلف أحد أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة بديلاً عن ضريبة المبيعات هو أحد أهم الإصلاحات المطلوبة للاقتصاد المصري، ولكن الاختلاف هنا في توقيت تطبيقها حيث أن الاقتصاد المصري الآن يعاني من مجموعة من المشاكل الحادة والجوهرية والتي أفقدته توازنه ودفعته للركود وتراجع الاستثمارات الأجنبية بشكل حاد في ظل عدم توافر الدولار الأمريكي وارتفاع أسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة ليصبح الاقتصاد المصري بكل مقوماته وآلياته يعاني من الآم حادة في كافة مفاصلة أدت إلي شلل وإعاقة في كافة قطاعاته".

واستنكر في هذا التوقيت الصعب فرض ضرائب جديدة تثقل المستثمرين والمواطن، وكان الأهم في هذا التوقيت هو العمل على حل هذه المشاكل وتقديم المحفزات للمستثمرين وتخفيف الضغوط عن كاهل المواطن، على حد تعبيره.
وقال: "تأتينا الحكومة بالعكس بزيادة الضرائب على القطاعات الاقتصادية لتخلق مزيد من المعوقات والبيئة الطاردة للمستثمرين وزيادة الأسعار على المواطن وبالتالي مزيداً من الركود ومزيداً من توقف المصانع ومزيداً من التراجع في معدلات نمو الاقتصاد المصري، وكان من الأفضل على الأقل لو كنا نرغب في تطبيق ضريبة القيمة المضافة بما لها من مزايا أن يتم تطبيقها بذات أسعار ضريبة المبيعات".

وأوضح أنه جرى العرف في إدارة الاقتصاد المصري اتخاذ قرارات حتى لوكانت جيدة من حيث المضمون ولكنها من حيث التوقيت غير مناسبة تماماً والتي تؤدي لمزيد من تفاقم الأزمة، مضيفا: "دعونا نتحدث عن العائد الذي تتوقعه الحكومة وفقاً للتصريحات الرسمية والتي قدرت أن حصيلة الضرائب من تطبيق ضريبة القيمة المضافة مابين 20 إلى 30 مليار جنيه مصري، إن صح هذا الرقم وفقاً للتقديرات، بالرغم من أن عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام الحالي يقترب من 320 مليار جنيه مصري وبمقارنة العائد من تطبيق ضريبة القيمة المضافة أمام الآثار السلبية على الاقتصاد والمواطن نجد أنها لاشيء".
وأكد أن حجم المتهربين من دفع الضرائب سنوياً يتخطى الـ60 مليار جنيه مصري ومن 70 إلي 100 مليار جنيه مصري تحصيلات وتسويات ضريبية ورقية غير نقدية إذا تم وضع الآليات الحقيقية والتنفيذية لتحصيلها ومحاصرة المتهربين سيخفض عجز الموازنة العامة إلي أقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يقدر حجمه بضعفين حجم الاقتصاد الرسمي أي أن دمج 50% من الاقتصاد الغير رسمي في الاقتصاد الرسمي سيحقق حصيلة ضريبية للدولة من ضرائب الدخل والمبيعات تعادل ضعف مايتم تحصيله الآن والتي ستقضي على عجز الموازنة دون فرض ضرائب جديدة أو الاستدانة.

وقال: "ملخص طريقة إدارة السياسة المالية للاقتصاد المصري هي فرض الضرائب والاستدانة، والنتيجة الحتمية كارثة حيث بالأرقام المعلنة من الجهات الرسمية فإن الدين العام تفاقم إلي مستويات قياسية وتاريخية بوصوله إلي 98% من الناتج المحلي الإجمالي وتراجع النمو للناتج المحلي الإجمالي وتفاقم العجز لمستويات أيضاً قياسية، ولايختلف ذلك كثيراً عن إدارة السياسة النقدية للاقتصاد المصري لنجد البنك المركزي يواجه أزمة عدم توافر الدولار بثبيت سعر غير حقيقي للجنية أمام الدولار وغلق شركات الصرافة ورفع أسعار الفائدة ووضع قيود ومعوقات على المستثمرين".

وأكد أن تأتي هذه الإجراءات كجزء من طلبات الجهات التمويلية حيث أن مصر لديها فجوة تمويلية مقدرة وفقاً لبرنامج الحكومة المعتمد من مجلس النواب بـ30 مليار دولار أمريكي خلال الثلاثة سنوات القادمة وترغب في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتمويل الفجوة التمويلية، وكذلك ترغب الحكومة في العودة لسوق الدين الدولي بعد تخطي الدين المحلي للمستويات الآمنة وانخفاض الاحتياطي النقدي بإصدار سندات دولية في سبتمبر القادم بقيمة 3 مليار دولار أمريكي ضمن برنامج سندات دولية بقيمة 10 مليار دولار أمريكي، ومع الخفض المتوقع قريباً جداً للجنية المصري أمام الدولار الأمريكي مع فرض قانون ضريبة القيمة المضافة مع غياب الرقابة على الأسواق ستشتعل الأسعار بالارتفاع بما لايقل عن 15% لنتحدث عن ضغوط استثنائية اجتماعية واقتصادية خلال عام 2016.
وأكد أن الاقتصاد المصري لايحتاج لضرائب أو الاستدانة، لايحتاج إلى الجري وراء شركات الصرافة، لايحتاج لتضييق الخناق على المستثمرين، لايحتاج لسعر صرف غير حقيقي، لايحتاج لأسعار فائدة مرتفعة تسحب السيولة في البنوك دون استثمارها.

وأوضح أن الاقتصاد يحتاج للعمل على دمج الاقتصاد الغير رسمي في الاقتصاد الرسمي، إعادة هيكلة المنظومة الضريبية وتحصيل المتأخرات الضريبية وحصار المتهربين، تشغيل المصانع المتوقفة، الجنية بقيمته الحقيقية، أسعار فائدة منخفضة، رفع القيود على تحويلات الدولار، تهيئة المناخ الاستثماري وتحسين بيئة الأعمال بإصلاح المنظومة التشريعية بقانون موحد للاستثمار يفعل بشكل حقيقي الشباك الواحد، دعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل حقيقي لتكون قاطرة للاقتصاد المصري، ربط التعليم بسوق العمل، ورفع المهارات والإمكانات الإنتاجية لدى القوى العاملة ككل، تطوير المهن الحرفية ودمجها في الاقتصاد الرسمي، بناء اقتصاد دولة قائم على التصنيع والزراعة وليس الاستهلاك، إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي، وصياغة آليات تمويلية قائمة على المشاركة الاستثمارية وليس الاستدانة، فاعلية الرقابة على الأسواق.