رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحيل الشيطانية للاستيلاء على أراضى الدولة


الغريب أن بعض المستثمرين يستخدمون حيلاً شيطانية كشفها جهاز استخدامات أراضى الدولة من خلال تحويل الأراضى الزراعية إلى منتجعات ومشاريع استثمارية، فهناك بعض رجال الأعمال يتحايلون على القانون للاستيلاء على أراضى الدولة ويقومون ببيع مساحة ألف متر بعقد بيع على أنها مزرعة لأنها تضم فيللا وحمام سباحة، وحديقة ويقولون إن بيع الأرض قانونى، ثم يطالبون بعد ذلك بتقنين وضع اليد. ويستقبل مكتب النائب العام مئات البلاغات الخاصة بالاستيلاء على أراضى الدولة يومياً، خاصة ضد رجال النظام السابق الذين مازال بعضهم يسيطر على آلاف الأفدنة دون وجه حق. فى مصر، كانت الحيازة المكتسبة فى السابق بشأن الأرضى غير التابعة للدولة، أو غير المملوكة، مسموحة من الناحية النظرية فى ظل الشروط التالية:حيازة دون انقطاع لأكثر من 15 سنة، مع نية الحائز فى اكتساب تلك الملكية لنفسه، أن تكون الحيازة بوضع اليد مستقرة مستمرة، ولم تخضع لأى نزاع قانوني، أو صراع، أو تنفيذ الحيازة ضد أطراف أخرى؛ يجب أن يكون الغرض من الملكية من أجل وظيفة أو استخدام مشروع «وليس استخدامها فى أعمال غير مشروعة، مثل تجارة المخدرات، أو تجارة الجنس غير المرخصة، وغيرها» ينبغى أن يكون الغرض من الملكية مرتبطاً بعقار «المبانى أو الأراضى داخل مناطق التخطيط»، أو الأراضى الزراعية، الأراضى الشاغرة الناتجة عن هدم مبان قائمة؛ بموجب القانون بشكل، والقانون المدنى المصرى بشكل خاص، يجب أن لا تكون الحيازة بوضع اليد للملكية قد تحققت شروطها بالإكراه.وهذا يتفق مع المبدأ القانونى العام ما بنى على باطل فهو باطل ثم تم حظر الحيازة بوضع اليد للملكية الخاصة أو الأراضى غير المملوكة بموجب مجموعة التصنيفات والشروط الأخرى: الأراضى المملوكة للدولة؛ الملكية التى يتم استخدامها فى أغراض غير مشروعة، الأراضى المتروكة دون تعمير أو استخدامها فى الزراعة «مثل أراضى الصحراء، وغيرها»، حيث إن تلك الأراضى خضعت لأول مطلب مضادلحيازتها من قبل وزارة الدفاع، لاستخدامها فى أغراض عسكرية، الأراضى التى تخضع لنزاع قانونى على ملكيتها فى خلال فترة 15 سنة تمثل تحدياً لمطلب واضع اليد فى حيازتها بمضى تلك المدة؛ اعتراف الحائز بحق شخص آخر فى الملكية الحقيقية «مثل دفع الضرائب العقارية أو مصاريف إدارية باسم ذلك المالك الحقيقى» المالك الذى يتخلى بإرادته عن دعواه بالملكية للآخرين. الحيازة بوضع اليد فى حالة الميراث للأشخاص الذين يرثون ملكية بوضع اليد لهم الحق فى الملكية، ولكن لا يطالب بها، لأن الفترة المطلوبة لإقرار الحيازة بوضع اليد هى 33 سنة دون انقطاع للملكية، وهى تمييزاً عن فترة 15 سنة فى الحالات الأخرى.وقبل المادة 970 من القانون المدنى كانت الحيازة بوضع اليد مسموحاً بها على ممتلكات الأوقاف الإسلامية أو المسيحية، والتى تمتعديلها فى عام 1957، بحظر الحيازة بوضع اليد على هذه الفئات من الممتلكات. ثم تبعها تعديل فى عام 1970 يسمح للهيئات الإدارية للدولة، بإزالة التعديات على الممتلكات العامة دون حكم قضائى، أما الحالة يتطلب فيها من الهيئات الإدارية الحصول على حكم قضائى عندما يكون لدى المالك عقد مسجل رسمى يثبت حقه فى الملكية.فى عامى 1948 و 2006، كانت القوانينوالمراسيم تسمح لهيئات الدولة الإدارية ببيع ممتلكات وضع اليد لحائزيها بموجب لوائح وشروط معينة إلا أن السلطات قد طبقت تلك النصوص بشكل ضيق جداً، خاصة فى تقنين حقوق الحيازة بوضع اليد فى الأحياء غير الرسمية. أما من الناحية العملية فقد تم تطبيق ذلك النمط من الحيازة بوضع اليد بشكل واسع للمستثمرين المستفيدين من الاستيلاء على الأراضى المملوكة للدولة، لاسيما فى مشاريع استصلاح الأراضى ومشاريع تعمير الصحراء، وبتكلفة عامة ضخمة للبنية التحتية وتوصيل المرافق وخدمات المياه.وفى حالات نادرة، كانت مطالب الحيازة بوضع اليد فى الأحياء غير الرسمية مثل عزبة خير الله، وجزيرتى القرصاية والدهب، على الرغم من أن المدعون لديهم حقهم الخاص فى الاستمرار فى استخدام الأراضى من خلال حق الانتفاع ولكن دون الحق فى بيع أو توريث الأرض. ولم يكن حكم القضاء المصري، بحق واضعى اليد فى حيازة تلك الأراضى، مبنياً على النصوص الحرفية للقانون، ولكن على أساس السلطة التقديرية للقاضى فى تحديد المصلحة الاجتماعية، حيث إن العواقب الاقتصادية والاجتماعية ستتجاوز المصالح القانونية فى حالة الأمر بالتشريد أو الطرد.

■ أستاذ قانون عام - جامعة طنطا