الخلود بين الجنة والنار "2"

نستكمل اليوم حديثنا عن أهل الجنة وأهل النار..يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله:
إن الأرض والسموات الآن- في الدنيا- أسباب معاش وحياة..ففيهما زرع وماء..ونحن نأكل بالأسباب في الدنيا...لكن في الآخرة لن نأكل بالأسباب..بل بمُسبب الأسباب..أي أن قانون الآخرة يوضحه قوله تعالي «إذا أراد أن يقول للشىء كن فيكون»..لكن قانون الدنيا حرث وزرع ومطر..إذاً الأرض في الدنيا غيرالآخرة..وكذلك السماء في الدنيا غير السماء في الآخرة.

ويضيف الشيخ: «إن الأشقياء كلمةٌ تشمل الكافر، وتشمل أيضا المؤمن العاصي..لذلك سيدخل المؤمن العاصي النار لفترة ثم يخرج منها إلي الجنة..وهذا يُفسره قوله تعالي «خالدين فيها إلا ماشاء ربك»..إذاً الشقي العاصي يدخل النار وقد يخرج منها في آخرته ويدخل الجنة وهذا راجع لمشيئة الله..أما المؤمن العاصي فسيدخل النار بداية بمقدار معاصيه.. ثم يدخل الجنة بعد ذلك..

وأما قوله تعالي في سورة البقرة: « لا يُخفف عنهم العذاب ولا هم يُنظرون { 162 }»..فقد أكد الله هنا أن العذاب لن يُخفف عليهم..لأن الإنسان حينما يُكرر عليه عذابٌ معينٌ يألفه ولايتعذب منه..لكن الله يؤكد لهم أن هذا لايوجد في الآخرة..بل هو عذابٌ شديدٌ للعصاة.

وقوله« لا يُنظرون» هي في حد ذاتها عذابٌ..أي أن الله سيهملهم، ولن يُعيرهم بالا.. ولن ينظر إليهم..وقد توحي لاينظرون بعدم النظر إليهم..أي عدم الشفقة عليهم..فحينما تنظر لشخص في حالة ضعف..قد يظن أنك مشفقٌ عليه.

وفي الختام..نلاحظ حذف الياء من الفعل يأتي في قوله:«يَوْمَ يَأْتِ» .. والحذف هنا يفيد الدوام والاستمرار..ومنه قوله تعالي: (وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْرًا عَظِيمًا".
فحذفت الياء هنا ، لأن عطاء الله تعالى للمؤمنين في الآخرة عطاء دائم، لا ينتهي.
لكن ورد إثبات الياء في قوله تعالى: (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى(18) سورة الليل.
لأن المزكي يتزكي إذا ملك المال، ويخرج الزكاة إذا ملك نصاب الزكاة، وتحقق فيه الشروط الشرعية.. وإذا لم يكن له مال فلا زكاة عليه، إذاً..إخراج الزكاة لا يتصف بالدوام.

ونلاحظ أيضا.. مجيء مَن مفرة..وجوابها جمع..في قوله تعالي:« ومن يعص الله ورسوله يدخله ناراً خالدين فيها»..فمَن هنا جاءت مفردة..وجوابها خالدين جاء جمعاً..لأن مَن صيغة من صيغ العموم.