رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البرلمان وهو السلطة التشريعية الممثلة للشعب الذى هو مصدر السلطات حسب المادة الرابعة من الدستور التى أكدت سيادة الشعب وحده، كما أن المادة «١١٢» من الدستور تقول «لا يسأل عضو البرلمان عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه»...

إنه برلمان الشعب يا سادة


... كما أن فلسفة الحصانة البرلمانية لعضو البرلمان كانت أساساً لكى يتمكن من مزاولة حقه فى إبداء الرأى فى أى قضية بكامل حريته اتفاقاً أو اختلافاً مع السلطة التنفيذية، حيث إن له حق الرقابة والمحاسبة على هذه السلطة، كما أن حرية إبداء الرأى للنائب الذى يمثل الشعب وسيادته هى أمر طبيعى، حيث إنه إذا كان هناك ما يمنع النائب من ممارسة هذا الحق فما بالنا إذن فى هذه الحالة بالمواطن العادى الذى لا يملك هذه الحصانة، كما أن ما يقوله النائب لابد أن يسجل فى مضبطة الجلسة فإذا كان هناك تجاوز لفظى لرئيس المجلس أخذ رأى البرلمان فى حذف هذه الكلمة أو تلك العبارة وليس من حقه هو بصفته رئيساً للمجلس أن يحذف أى كلمة.

فرئيس البرلمان هو فى الأساس عضو مثله مثل كل أعضاء البرلمان فهو لا يعبر عنهم كنواب فكل نائب يعبر عن نفسه بالطريقة التى يراها، ولذا فعند الضرورة يستطيع ثلثا البرلمان سحب الثقة من هذا الرئيس ويعود إلى مقاعد الأعضاء، ودليل ذلك أن رئيس البرلمان لا يملك إبداء رأيه الشخصى فى أى قضية من على منصة الرئاسة فى ذلك الوقت عليه بتسليم الجلسة لأحد الوكلاء، وأن ينزل إلى مقاعد الأعضاء للإدلاء برأيه الشخصى وهذا حتى لا يؤثر هذا الرأى فى عملية التصويت إذا طرح من على منصة الرئاسة، هذا وغيره كثير يقره الدستور وتؤكده لائحةالبرلمان، فماذا يحدث الآن فى هذا البرلمان ومن رئيسه الذى تم اختياره نظراً لوقوف ما يسمى بـ«ائتلاف دعم مصر» وراء هذا الاختيار؟

وما علاقة ممارسات رئيس المجلس الذى هو أستاذ قانون دستورى عمل مستشاراً فى الكويت لأكثر من خمسة عشر عاماً بعيداً عن مصر وأحزابها وسياسييها، مع العلم أن هذا الرئيس كان ضمن عشرة قد وضعوا مشروع الدستور الحالى الذى لا نرى له ظل تنفيذ أو ملامح وجود فى هذا البرلمان؟ والغريب أن رئيس البرلمان لو حصرنا كلماته المكررة والرتيبة والتى يقر فيها أنه أستاذ قانون دستورى، وأنه من وضع الدستور نرى أن هذه الكلمات هى الأكثر تداولاً له، فهل رئيس البرلمان عندما ترك مهنة التدريس وذهب إلى الكويت جاء مشتاقاً إلى ممارسة المهنة فتصور أن البرلمان هو قاعدة محاضرات له أمام تلاميذ لا يوازنونه علماً ولا يجارونه جنون ولا علاقة لهم بكفاءته؟ فهل يصح أن نرى ولم نر قبل ذلك طوال حياتنا البرلمانية، ومنذ عام ١٨٦٦ هذه الممارسة وذلك السلوك وهذا الأسلوب لإدارة جلسات البرلمان بهذا الشكل وبذاك الأسلوب، فكيف يسمح رئيس البرلمان لنفسه وبرؤية شخصية تعتمد على تلك الأغلبية الميكانيكية أن يحول البرلمان إلى فصل حصانة يتم طرد من يطلق عليهم بـ«المشاغبين» أو من لا يتفقون مع رؤيته إلى من يتهمهم بالعمالة بل الخيانة بل العمل على إسقاط مؤسسات الدولة؟ البرلمان ليس حصانة- والرئيس ليس مدرس الفصل.

البرلمان مدرسة الشغب يمارس فيه نواب الشعب كل صلاحيات الشعب صاحب السيادة، مع العلم أن أى مدرس للفصل الآن فى أى مرحلة تعليمية لا يملك فى الواقع أن يطرد تلميذاً أيا كان سلوكه، فكيف يحدث هذا فى البرلمان؟ وهل ليس من حق النائب أن يتحدث فى أى قضية؟ وما اختصاصات رئيس البرلمان حتى يحدد للعضو ما يتحدث فيه أو لا يتحدث؟ وكيف لا يتحدث النائب فى السياسة النقدية للدولة، وهذا اختصاص دستورى له حسب المادة «١٢٤» التى تعطيه الحق فى مناقشة الموازنة العامة للدولة والمادة «١٢٥» والتى تعطيه الحق فى مناقشة الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة؟ وهل تعلم يا سيادة رئيس البرلمان أن صلب الموازنة والحساب الختامى هو مناقشة السياسة المالية والسياسة النقدية للدولة؟ أما توزيع الاتهامات يميناً ويساراً خاصة للمعارضين تحت زعم أن هذا ضد الدولة وذاك ضد الأمن القومى فهذا تجاوز واستغلال فى غير موضعه، فالدولة والأمن القومى هى مهمة كل المصريين وبالطبع النواب.

أما إذا كانت هناك ممارسات خاطئة.. تمثل جريمة حقيقية يحاسب عليها القانون، هنا لا أحد كبير على الحساب، حيث إن الدستور تحدث عن سحب الثقة من رئيس الجمهورية ذاته ولكن التعميم لا يليق لا بالبرلمان ولا بأعضائه ولا برئيسه، مع العلم أن هذه الممارسات التى يتصدر من خلالها أنه يحمى الدولة والنظام فهذه نظرة غير صحيحة، فإذا لم يعبر النائب كما يريد ويختلف كما يشاء فماذا يحدث خارج البرلمان، وما رد الفعل الجماهيرى، وأين حرية التعبير وحق المعارضة الدستورى الذى لا يكتمل النظام بغيره؟ رحم الله د. رفعت المحجوب عندما اعترضت على إدارته للجلسة وأصر على تسجيل ذلك فى المضبطة عام ١٩٨٧ وذلك كان ثقة عنه فى نفسه، وفى إدارته فالإدارة خاصة السياسية ليست أغلبية صماء ولا مجاملة فى غير موضعها ولكها الحنكة والخبرة والعلم والفن والتمكن والقبول، وبالطبع إجادة الحديث الصحيح باللغة الصحيحة، فهل نتدارك الأمور ولا نريد الأمور تعقيداً أو نعطى الفرصة للمتربصين، فلبنحث عما يوحدنا لا ما يفرقنا حتى نواجه هذه التحديات التى تهددنا جميعا وحتى تكون بحق مصر لكل المصريين.