رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المتطرفون.. وحرق الكنائس «2-3»


فى المقال الماضى بدأت الحديث عن كنيسة السيدة العذراء بقرية الإسماعيلية البحرية والتى تبعد ٦ كيلومترات شمال مدينة المنيا التى تعرضت، فى الثانية من صباح يوم الخميس 12 مايو لهجوم من بعض المتطرفين، والذين قاموا بإشعال النار فيها والتى أتت على آخرها، وذكرت أن الغالبية العظمى من مسلمى مصر يعيشون فى حب ومودة مع المسيحيين وقد تكاتف مسلمون كثيرونفى أماكن كثيرة للدفاع عن الكنائس عندما حاول المتطرفون حرقها والاعتداء عليها، ولكن الموضوعية تحتم علينا أن نقول إن الصورة ليست كلها جميلة، فالمتطرفون والمتعصبون موجودون فى كل مكان وزمان، وهؤلاء يحتاجون لمعالجة فكرية قبل المعالجة الأمنية.

وقلت إن المعتدين على الكنائس مختلون فكرياً، لأنهم يظنون أنهم بمفردهم فى هذا العالم الذين يملكون الحقيقة المطلقة، ومن ثم ملأ التعصب الأعمى قلوبهم وعقولهم، فرفضوا كل من كان على غير شاكلتهم ومعتقداتهم، وفى مقال اليوم أستكمل الحوار عن بعض الأفكار المتطرفة التى يروج لها البعض والتى تؤدى لحرق الكنائس من قبل المتطرفين.

قال الكاتب الكبير المستنير الأستاذ أحمد عبد المعطى حجازى فى مقاله « مأساة لا تخلو من مشاهد هزلية» بجريدة الأهرام يوم الأربعاء 14 يوليو 1999 «أن من الكتب المقررة فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة كتاباً كان يدرس للدكتور أحمد طه عطية أبوالحاج عنوانه «الائتناس فى علم الميراث» وقد جاء فى هذا الكتاب فى الفصل الثانى من المبحث الثالث فى تنفيذ الوصايا ما نصه «يحرم على الشخص أن يوصى بما يفضى إلى معصية وذلك كوصيته ببناء كنيسة أو ملهى أو ناد للقمار أو لترويج صناعة الخمر وتربية الخنازير أو القطط والكلاب، أليس هذا تخريبا ؟».

هذا بعض مما يتعلمه الطالب داخل أسوار أعرق جامعاتنا المصرية أن بناء الكنيسة يفضى إلى معصية، والكنيسة تتساوى مع الملاهى ونوادى القمار!!، وهكذا كل عام تخرج لنا جامعاتنا العريقة طلبة متعصبين ورافضين للآخر الدينى المغاير ومختلين فكريا!!

هذا فضلاً عن الشروط العشرة التى وضعها العزبى باشا، ففى شهر فبراير سنة 1934 أصدر «العزبى باشا» وكيل وزارة الداخلية قراراً صيغ فى صورة عشرة أسئلة يتحتم استيفاء إجاباتها للحكم فى إمكانية بناء كنيسة من عدمه، ومن المؤسف أن الجهات الإدارية لا تزال تعمل بهذه الشروط المجحفة والظالمة حتى الآن، لذا نتمنى أن يقر مجلس النواب قانون بناء الكنائس.

وبسبب هذه الثقافة الظلامية تحولت جماعات بشرية لا حصر لها إلى جيوش من المختلين فكرياً يهذون ليلاً نهاراً، سراً وعلانية، وينضحون بثقافة الكراهية والاستعداء والبغضاء، ومن المؤسف أن هؤلاء المتعصبين فقدوا الحس الإنسانى واستبدلوه بغريزة عدائية إجرامية جامحة ومدمرة تجاه أخوتهم فى المواطنة والإنسانية، ولم يروا فى الآخر المختلف فكرياً وإيديولوجياً ودينياً سوى مشروع موت وتصفية جسدية وقتل.وللحديث بقية.