رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الصحفيين»و«الداخلية».. إلى أين؟!


هل يصدق عاقل أن تدخل نقابة الصحفيين فى عداء مع الدولة؟!.. هل يصدق أى مواطن شريف أن الصحفيين مرتزقة وبلطجية ويريدون عرقلة أحكام القضاء؟!..يا سادة لسنا فى خصام مع الدولة ولا رئيسها الرجل الوطنى المحترم.. وليس صحيحاً أن غضبة الصحفيين الآن بسبب القبض على زميل صحفى ومعه متدرب متهم بالتحريض على اغتيال الرئيس.. يا سادة كنت أرجو ممن اختلط عليهم الأمر أن يتفهموا سر الغضب المشروع للصحفيين مؤخراً  لقد كتبت على صفحتى الشخصية منذ اللحظة الأولى للأزمة كلمة بعنوان «لله والوطن».. وجهت فيها نداءً إلى رئيس مجلسى الشعب والوزراء وشيوخ المهنة.. وقلت إن هذا الوقت ليس للمزايدات.. وبما أن الأزمة قد حدثت بالفعل.. فلا مجال لـ«إشعال البلد»..فالداخلية أخطأت والنقابة أيضاً بعد أن افتقد الوسيلة المناسبة لتنفيذ القانون وإلقاء القبض على الزميلين المطلوبين للقضاء بطريقة تحفظ ماء وجه الجميع..وأكدت أن القضاء المصرى سيحسم أمر المسئ ويصدر بحقه ما يستحق.. لكن أن تسابق الداخلية الزمن وتتصرف على النحو الذى رأيناه فهذا غير مقبول على الإطلاق، وقد رأينا قبل عدة أشهر كيف تصرفت الداخلية تجاه واقعة مشابهة لنفس الموقف، فقد قامت بإلقاء القبض علي وزير الزراعة السابق «صلاح هلال» في ميدان التحرير وذلك بعد أن استقال من منصبه وكانت الداخلية تملك قرار الضبط والإحضار قبل استقالة الوزير من منصبه الوزارى ولكنها تريثت وانتظرت حتي استقال.. كما ناشدت بسرعة وأد هذه الفتنة على وجه السرعة لإنقاذ البلد من هذه «المصيبة» التى تضر بسمعتنا داخليا وخارجياً.

وللحق أقول.. حينما تفاعلت مع مرتادى التواصل الاجتماعى وقرأت العبارات المسئية بحق الصحفيين ونقابتهم أُصبت بالحزن والقرف فى آن.. وكتبت مناشدًا هؤلاء أن هذا الأسلوب يخدم أعداء مصر وليس فى صالحنا جميعًا.. فكان من الطبيعى أن أجد هجومًا سافرًا من بعض المتاجرين بهذه الأزمة وصل لحد الإسفاف.. ومع ذلك قمت بدورى دون مزايدة وقلت إن هذه هى مصرنا جميعًا..داخلية وصحافة وجيش وقضاء وبقية أفراد الشعب.. ولا يجب أن ننسى عدونا الحقيقى الذى يزرع الفتن هنا وهناك بقصد دخولنا فى هذا النفق المظلم.. ثم رجوت الجميع بالكف عن السباب فى بعضنا البعض.. فمصر لا تتحمل مثل هذه المصادمات فى ظل مشاكلها الحالية.. وكذلك المؤامرات الخارجية التى تحاك ضدها من كل حدب وصوب.. أفيقوا يرحمكم الله.. الشعب هو الخاسر دائمًا فى مثل هذه الظروف.. والعدو دائمًا هو المستفيد. بعد ذلك ناشدت الرئيس بالإسراع فى نزع فتيل تلك الأزمة التى تحتاج إلى مجهوده هو دون غيره.. فهناك أطراف خارجية وداخلية تخطط للوقيعة بين مؤسسات الدولة وبعضها البعــــــض.. وهناك من يتحدث ويكتب ليزيد الفتنة اشتعالاً سواء عن عمد أو بجهـــل.. فقط نريد مصالحة بين أقطاب المشكلة وما تبقى سيكون القضاء كفيلاً به.. وجاء حديث بان كى مون -الأمين العام للأم المتحدة- وبعده حديث جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى- عن هذه الأزمة وتدخلهم فى شئوننا الداخلية كالصاعقة فوق رءوسنا جميعاً.

ولعل هذه المستجدات تكشف لطرفى الأزمة مدى خطورة الموقف.. وخيراً فعل الزميل ياسر رزق حينما اقترح تشكيل وفد رفيع المستوى لمقابلة «السيسى» لإنهاء هذه الأزمة.. كما أعجبنى بيان نقابة الصحفيين حينما أكد رفضه التام لتصريح الخارجية الأمريكية بخصوص أزمة اقتحام النقابة ورفض أى تدخل أجنبى رسمى فى شأن الصحافة المصرية وعلاقتها بالشعب المصرى ومؤسسات الدولة.. وهذا الكلام يتنافى تمامًا مع ما روج له البعض بأن نقيب الصحفيين المصريين يحيى قلاش استقوى بالخارج ضد الدولة!!.. مع العلم أن الرجل كما نراه دائمًا وأبدًا يرتبط بعلاقات طيبة مع مؤسسات الدولة.. ونراه حاضراً فى كل مناسباتها الرسمية.. كما أعجبنى أيضًا فى بيان النقابة تجديد الثقة فى مجلسها حتى انتهاء الأزمة.. وهذا يعنى أننا قد نختلف أو نتفق مع المجلس.. ولكن لن نسمح أن تكسر شوكة الصحفيين الذين كانوا ومازالوا وسيظلون يحاربون الفساد أينما وجد ويدافعون عن مصالح مصر ومؤسساتها.

أخيرًا.. أقول لوزير الداخلية إنه ليس من المقبول أو المعقول هذا المشهد الذى رأيناه أمس.. لقد صُدمنا جميعًا من العناصر المدنية المعادية للصحفيين أمام نقابتهم.. رأيتهم بأم عينى يسبون ويلعنون كل من يختلف معهم سواء من الصحفيين أو غيرهم.. فهل هذه هى حصيلة ثورتى الشعب فى ٢٥ يناير و٣٠ يونيه ضد الظلم والفساد والخيانة!!.. عمومًا هذا ليس موضوعنا الآن.. وما يجب التأكيد عليه حاليًا هو أن الصحفيين ليسوا فى عداء أو مواجهة أو خصومة مع الدولة كما يصور ذلك أعداء مصر وكل من يحاول الاصطياد فى المياه العكرة ويربط بين معركة الصحفيين ضد قانون اغتيال حرية الصحافة والأزمة الحالية.. فالمشكلة ببساطة واختصار ودون لف أو دوران أو لى عنق تتلخص فى معرفة الحقائق وكشفها للرأى العام وتقديم الطرف المخطئ اعتذاراً عما بدر منه.. فالاعتذار من شيم الكبار وليس به أى انتقاص لهيبة الدولة.. والآن مطلوب التدخل الفورى للرئيس بما لديه فى قلوبنا من محبة وتقدير كصحفيين ضمن فئات الشعب المختلفة ولسنا كما وصفهنا الجهلة «على رأسهم ريشة» حتى نغلق هذه الصفحة ونتفرغ للملفات الأهم فى بناء مصر الحبيبة.. ومنها افتتاح الرئيس أمس منطقة «سهل بركة» لإطلاق إشارة البدء لموسم حصاد القمح ضمن مشروع المليون ونصف المليون فدان بالفرافرة.