رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

واشنطن بوست: كيف تدهورت العلاقة بين أردوغان وأوغلو؟

اغلو
اغلو

قال الكاتب إحسان ثارور - في مقاله بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية- أن تركيا، مع جميع مصائبها، تملك نظاماً ديمقراطياً أصلب بكثير من ذاك الموجود في روسيا.
ويشكل رحيل داود أوغلو، يوم الخميس، عن منصبه كرئيس للحكومة التركية، إشارة إلى خلافات واضحة بينه وبين أردوغان حول اتجاه السياسات التركية. ومن المحتمل أن يكون مؤشراً لفقدان أردوغان صبره في محاولته للحصول على سلطات شبيهة لتلك التي يملكها بوتين.
ويشغل أردوغان ما يفترض أن يكون دوراً شرفياً وغير حزبي في ديمقراطية برلمانية، حيث داود أوغلو، الحليف القديم، كان تقنياً هو القائد.
وبعد خدمته كوزير للخارجية، طوال سنوات، حين كان أردوغان رئيساً للوزراء، أصبح داود أوغلو رئيساً للوزراء حين اختار أردوغان أن يترشّح للانتخابات الرئاسية سنة 2014. وكان يُتصوّر أن يكون داود أوغلو المتحدّث الناعم باسم الرئيس القوي.
ويضيف الكاتب أن أردوغان ورفاقه لا يخفون رغبتهم في إعادة كتابة دستور تركيا الذي صاغته حكومة عسكرية في ثمانينات القرن الماضي وتوسيع سلطات الرئاسة التنفيذية. وفي أواخر سنة 2014، كشف أردوغان النقاب عن قصره الرئاسي الجديد والعملاق في أنقرة، مجمّع ضخم من ألف غرفة، وكان من المفترض أن يحاكي بيوت السلاطين العثمانيين.
على الرغم من غياب الارتياح الداخلي داخل العدالة والتنمية، الحزب الحاكم، وبغض النظر عن احتجاجات خصوم سياسيين، دعم داوود أوغلو ومسؤولون آخرون في الحزب، أجندة رئيسهم، علناً على الأقل.
ولكن الانتخابات البرلمانية في يونيو الماضي وضعت العصي في الدواليب. ويوضح الكاتب أن معارضة ضد دفع أردوغان الحكم نحو نظام رئاسي وبروز حزب كردي يساري، أدّيا إلى خسارة حزب العدالة والتنمية للغالبية البرلمانية للمرّة الأولى منذ أكثر من عقد. وهذا دفع إلى أشهر من الخلاف والتوتر بعدما أثبتت الأحزاب التركية أنها عاجزة عن تشكيل حكومة ائتلافية ناجحة. وأعلن خصوم أردوغان أنّ هذه النتيجة كانت بالضبط ما أراده الرئيس.
وجاءت الانتخابات الجديدة في نوفمبر بعد موجة من غياب الاستقرار ومن العنف في البلاد، وأعادت النتائج الأكثرية المطلقة للحزب داخل البرلمان، وأعطت زخماً جديداً لخطط أردوغان من أجل إعادة تشكيل أسس الدولة التركية.
في حينه، أعلن داود أوغلو أنّ تركيا الجديدة ستُبنى تحت قيادة الرئيس أردوغان . لكنّ دوره الخاص في تركيا الجديدة هذه أصعب على الفهم.
وتفترض التقارير أنّ العلاقة بين أردوغان وداود أوغلو كانت صاخبة لفترة ليست بالقصيرة مع كون الأخير محبطاً من حملة الرئيس التركي ضدّ الحريات السياسية، بما فيها توقيف أكاديميين، وصحافيين، وحذِراً من إلغاء النظام البرلماني لصالح نظام رئاسي.
وظهر داود أوغلو يقود مفاوضات حديثة مع الاتحاد الأوروبي لصالح الدور التركي في المنطقة على مستوى أزمة اللاجئين من دون مباركة كاملة من أردوغان الذي انتقد بشدة من قبل الأوروبيين في تصريحات علنية.
الإشارة الأوضح إلى انهيار العلاقة أتت الأسبوع الماضي، حين صوّت مؤيّدو أردوغان لصالح تجريد أوغلو من صلاحية تعيين مسؤولي الحزب على مستوى المقاطعات، الأمر الذي يتوقع أن يقوم به، كشخص يترأس الحزب.
ويغادر رئيس الوزراء منصبه في وقت ضاغط جدّاً على تركيا. فالبلاد تصارع النزاعات على جبهات متعددة، بما فيها تصعيد لتمرد كردي طويل الأمد ضدّها، والفوضى في الحرب الأهلية السورية، التي دفعت بملايين اللاجئين السوريين إلى عبور الحدود باتجاه تركيا.
في هذا الوقت، أصبح أردوغان شخصية استقطابية بصورة متزايدة، تنتقد بعنف مؤامرات الأعداء والمعتدين المحتملين في الخارج والداخل معاً.
ومن غير الواضح من سيعيّن بديلاً عن داود أوغلو. وفي رأي سوات كينيكلي أوغلو، كاتب ونائب سابق إن أردوغان سيتجه إلى تعيين شخصية أكثر طاعة ووفاء ، وخصوصاً أنه لم يكن مولعاً بالعلاقات الخارجية لداوود أوغلو وباحتمال الوصول إلى خاتمة ناجحة لاتفاقية اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي .
كينيكلي أوغلو الذي كان عضواً في البرلمان مع حزب العدالة والتنمية، يقترح أنّ البعض داخل الحزب سيقارب رحيل داود أوغلو كدليل على عدم قابلية أردوغان على تحمّل المعارضة، لأنّ أوغلو في نهاية المطاف، لم يبتعد علناً عن خطاب أردوغان .
وفي طريق المغادرة، أكد داود أوغلو نفسه ولاءه لأردوغان والحزب على حدّ سواء. وقال: لن تسمعوا منّي كلمة سيّئة واحدة على رئيسنا .