رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تحكمنا عقدة جمعة الغضب؟!


كان الأسبوع الماضى أسبوع ذكرى تحرير سيناء، وهى ذكرى عزيزة فى تاريخ مصر ليس لما حدث فقط فى أبريل عام 1982 حين انسحبت القوات المعادية من سيناء تاركة مشكلة حول وضع طابا ليتم حلها فيما بعد عن طريق التحكيم، ولكن لتذكر الحدث نفسه والخروج بدروس منه للتعامل مع العدو، وإنما لتحقيق الأهداف العليا، أى أن ذكرى تحرير سيناء كما تسمى تنبهنا إلى عدة دروس مهمة ربما أولها أننا حققنا الهدف أو سعينا إلى تحقيقه من خلال استخدام لقوى الدولة الشاملة وأقصد هنا القوة العسكرية التى اقتحمت القناة واستولت على أراضى شرق القناة وقاومت العدوان غرب القناة وأسقطت طائرات العدو وأثبتت للعدو أنه إذا استطاع فى مرحلة من المراحل أن يحقق تفوقاً فإنه يمكن أن يخسر هذا التفوق وهو ما عبر عنه أحد الجنود الإسرائيليين الذى سبق له أن شارك فى جولات سابقة من الصراع من أنه شعر لأول مرة أن المصريين كانوا أكثر استعداداً منهم.

ثم أقصد أيضاً القوة الدبلوماسية والتى تمثلت فى المفاوضات التى أدت إلى توقيع اتفاقات أدت إلى انسحاب إسرائيل، ثم أخيراً القوة القانونية التى تمثلت فى مجموعة من الحقوقيين الخبراء الذين أداروا بحنكة وحكمة معركة التحكيم التى أدت فيما بعد إلى تحرير طابا التى كانت باقية تحت الاحتلال. ورغم ملاحظاتى على النتائج وعلى أسلوب إدارة الصراع فإن جهد كثير من المخلصين من أبناء مصر لا يمكن ولا يجوز إغفاله. درس أهمية التعاون بين قوى الدولة فى غاية الأهمية، ويجب ألا ننساه فى معالجتنا فى قضايا الساعة. كذلك لا يجوز أن ننسى كيف هب العرب خاصة الجزائر والعراق لمساعدتنا نحن وشريكنا فى القتال الجيش العربى السورى، كما لا يجوز تجاهل دول أيدونا وساعدونا وفى مقدمتهم الاتحاد السوفييتى ويوغوسلافيا.

لكن الذكرى هذه المرة صاحبتها جلبة حول قضية جزيرتى تيران وصنافر وبدا أن جماعة الإخوان الإرهابية تحاول أن تنتهز فرصة الجدل الدائر حول الجزيرتين لتحقق ما سبق أن فشلت فيه من تحقيق حشد جماهيرى يزيل آثار الحشد يومى 30 يونيه و26 يوليو 2013، وكان أن استعدت قوى الأمن بالتعاون مع القوات المسلحة لمواجهة الاحتمالات ومن الواضح من ردود فعل المحتجين سواء من جماعة الإخوان أو ممن خرجوا لمساندتهم أو للاحتجاج على ما اعتبروه تفريطاً فى الأرض من تشدد فى تطبيق القانون، بل وتجاوز حدود القانون هكذا سمعنا عن القبض على البعض بالبيوت، أو منع الاحتجاج على سلم نقابة الصحفيين أو منع التجمهر فى بعض الأماكن، وربما القبض على البعض فى الشارع والقول بأنه عشوائي.

بدأ الأمر يوم 25 أبريل، حيث دعت الجماعة إلى التجمهر بل وإلى الثورة أن قدرات الجماعة ما زالت محدودة وأن جماعات الاحتجاج ليست كبيرة، وأنها فاقدة الفاعلية، وأن الشعب يتعامل بعقلانية مع قضية الجزيرتين ويشهد على ذلك كثرة من استوقفونى فى الشارع وأماكن أخرى ليسألونى عن ملكية وانتماء الجزيرتين، بينما بدت الترتيبات الأمنية مبالغاً فيها، وهو أمر أرجو أن تتم دراسته فلا شك أن أحد ملامح قوة النظام قدرته على تحمل النقد، فليس من المعقول ألا يستطيع النظام تحمل هتافات مهما كانت طالما التزمت السلمية، حيث لا تمتد يد لترمى طوبة أو تلقى زجاجة حارقة، أو تطلق نيراناً أو خرطوشاً، وهنا أتذكر مقولة الرئيس جمال عبد الناصر «ليس من المعقول ألا يستطيع النظام تحمل قصيدة شعر أو رواية مسرحية تنقده»، وهنا لست أقصد تبرئة الذين قبضت عليهم الشرطة، حيث إنهم فى الغالب ارتكبوا انتهاكات للقانون بعضها انتهاكات بسيطة وأخرى جسيمة بينما من يصفونها يتجاهلون العناصر الخطرة فيها، حيث غالباً لم تكن براءة الأطفال فى عينيهم. أرجو أن تبرأ الشرطة ووزارة الداخلية عموماً من عقدة جمعة الغضب حينما انهارت الشرطة عام 2011 ، فمن الواضح ان أغلب المسئولين عن الأمن ما زالت تحكمهم هذه العقدة وستظل كذلك لفترة أرجو ألا تكون طويلة.صاحب الأحداث تورط بعض أفراد الأمن فى استخدام سلاحهم ضد مواطنين فى شجار شخصى وهو ما يعيد تهديد حفر شق عميق بين الشرطة والمواطنين وهو شرخ لا يستفيد منه سوى الإرهابيين ويترك المواطنين بين نارين: نار العناصر الإرهابية، ونار احتمال تعرضهم لنيران الشرطة، وهو أمر لا يعالج إلا بمزيد من وعى رجال الشرطة وسيطرتهم على أعصابهم فى التعامل مع المواطنين، ولا يجوز أن يؤدى إلى نزع سلاح أفراد الشرطة سواء أثناء الخدمة أو خارجها!