رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أسرار خطيرة وراء القتال المستميت بين الأسد والمعارضة على "حلب".. لماذا أصرّت روسيا على استثناء المدينة من نظام التهدئة رغم كارثية الأوضاع؟

بشار و مجازر حلب
بشار و مجازر حلب

لماذا حلب؟.. هو السؤال الأبرز الذي يطارد أذهان الكثيرين، في ظل الاقتتال الشديد، والصراع المستميت بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة لليوم التاسع على التوالي، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من 240 شخصا، فما هو السر في ذلك الصراع.

الأشد إثارة من ذلك أن نظام التهدئة الذي أعلن عنه يقتصر على دمشق والغوطة الشرقية ومحافظة اللاذقية، فيما تشير بعض التقارير إلى أن روسيا، وهي حليف للرئيس السوري بشار الأسد، رفضت أن تشمل الهدنة مدينة حلب، فكيف ذلك والعقل والمنطق يقولان إن التهدئة يجب أن تنطلق من حلب لتشمل مدنا محيطة، لتمكين فرق الإغاثة من إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولإدخال المساعدات العسكرية للمدنيين الذين يحترقون تحت نيران الصواريخ.

بوابة احتلال العاصمة
المتأمل في موقع المدينة النازفة، يجد أن من يسيطر عليها تكون له اليد العليا في المعركة، وذلك لشواهد عديدة أولها قُرب المدينة من العاصمة دمشق، حيث تبعد عنها بمسافة 310 كيلومترات، ومن ثم فإن خطر سقوطها في يد المعارضة يهدد العاصمة بشكل مباشر، والمعروف أن سقوط العاصمة يحسم المعركة بشكل شبه مؤكد لصالح من يسيطر عليها، ومن ثم يدافع النظام باستماتة عن حلب، بأنه يسعى لقطع الطريق على المجموعات الإرهابية ومن يقف خلفها ومنعها من التقدم.

باب السلاح الخلفي
حلب ليست فقط بوابة الدخول للعاصمة، وإنما هي بوابة دخول الأسلحة والإمدادات العسكرية لقوات المعارضة، عن طريق الحدود التركية البرية التى تمتد إلى 822 كم، حيث يعتبر هذا الشريط الحدودي منفذا استراتيجيا هاما لتدفق آلاف المسلحين الأجانب القادمين عبر تركيا، كما شكّل أيضا محورا رئيسيا لوصول الدعم اللوجيستي والسلاح.

ويشكل وجود 19 معبرا حدوديا بين سوريا و دول الجوار «لبنان والأردن والعراق وتركيا»، هدفًا حيويًا للأطراف المتصارعة، فيما يحكم الجيش السوري قبضته على معبرين بالشمال السوري على الحدود التركية، بينما يقع باقي المعابر الشمالية في قبضة التنظيمات المسلحة.

بالنسبة لتركيا، تمثل حلب نقطة مثالية وهامة نحو طموح استراتيجي رئيسي لدى القيادة التركية، يتمثل في فرض منطقة عازلة شمال سوريا، ستتمتع من خلالها تركياـ في حال تنفيذ ذلك بالسيطرة شبه التامة على منطقة الشمال السوري، مما يمكنها من تهديد الحزام الكردي في الشمال السوري، وتحجيم قدرته العسكرية قبل أن يتحول لتهديد حقيقي واسع نتيجة قربه من التركيبة الكردية داخل تركيا.

قاعدتان عسكريتان
استيلاء المسلحين المعارضين على قاعدة "اللواء 80" العسكرية بالقرب من حلب كان تهديدًا حقيقيًا لقوات النظام، لكن ذلك ليس النقطة العسكرية الحيوية فحسب وإنما تعتبر قاعدة الشيخ سليمان العسكرية غرب مدينة حلب، التى استولى عليها مقاتلون عام 2012، هي مفتاح السيطرة على الشمال السوري.

مطار "كويرس" العسكري
وجود مطار "كويرس" العسكري، الذي يشكل قاعدة جوية عسكرية في ريف حلب الشرقي، يعد نقطة دفاع حيوية، وهجوما في نفس الوقت، حيث إن السيطرة عليه ستمنح الجيش السوري القدرة على تنظيم صفوفه في الشمال، ذلك لأن المطار سيتحول إلى قاعدة استراتيجية لتجميع القوات والانطلاق منها نحو أرياف حلب الأخرى، ولهذا كان المطار على مدار السنوات الماضية هدفا عسكريا مهما لكل أطراف الصراع.

وبدا واضحا منذ عدة أشهر أن الجيش السوري يضع ثقله في ريف حلب الشرقي، وخصوصا على المطار العسكري مستفيدا من الغطاء الجوي الروسي على حساب مناطق أخرى في ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.

كما أن سيطرة الجيش على مطار كويرس العسكري من شأنها أن تغير من موازين القوى العسكرية على الأرض، وتمهد لتغييرات في توزيعها خلال المرحلة المقبلة، وإن كان هذا التغيير سيكون بطيئا لكثرة القوى المتصارعة.