"الملك سلمان".. العاشق لمصر: تطوع في الجيش المصري أثناء العدوان الثلاثي.. وشكل لجنة لمساعدة مصر في حرب أكتوبر.. ورأس هيئة مساعدة منكوبي زلزال 1992
«كان أحد المقاتلين في صفوف الجيش المصري».. هكذا يمكن اعتبار العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، الذي جمعه بمصر على وجه الخصوص، تاريخ طويل من التعاون والمساندة، بعيدًا عن العلاقات التي تجمع البلدين.
وهي العلاقة التي لخصها الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال زيارته للرياض، مطلع العام الماضي، لتهنئته بتولي أمور المملكة، وقال وقتها في حوار له مع قناة «العربية» السعودية: «بالنسبة للملك سلمان فارجعوا للتاريخ، ومصر تعرضت لحرب 56 وكان الملك سلمان من المقاتلين الأشداء».
وإزاء الزيارة التي يقوم بها سلمان إلى القاهرة، الخميس القادم، تستعرض «الدستور» في التقرير التالي، قصة تطوع سلمان في الجيش المصري، والتي تعود إلى عام 1956.
كان أول حديث عن مشاركة العاهل السعودي في الجيش المصري، عام 2011، عندما كشف مصطفى الفقي، سكرتير الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك للمعلومات، عن لقاء جمعه بالملك سلمان في مهرجان «الجندراية».
وأكد وقتها «سلمان» للفقي، على العلاقة القوية بين البلدين، وحبه البالغ لمصر، الذي وصل إلى تطوعه بالجيش المصري، خلال حرب 56، ولم يخرج من الجزيرة ليقاتل إلا للدفاع عن أرض مصر.
خلال عام 1956، بدأت السعودية في تعبئة الجيوش للمشاركة في العدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وإسرائيل وفرنسا على مصر، وقام وقتها مؤسس الدولة السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، بإعلان تضامنه وتعاونه مع مصر في حربها.
وأرسل أبناءه الثلاثة، سلمان بن عبد العزيز، أمير الرياض وقتها، والأمير فهد، وزير المعارف بالمملكة، والأمير عبدالله الفيصل، وزير الداخلية آنذاك، للقتال مع قوات الجيش المصري، ضد العدوان الثلاثي.
وشارك سلمان في فرقة المجاهدين السعوديين، التي تكونت للدفاع عن الوطن العربي، وتقدم الكثيرون من الشعب السعودي للتطوع، وتحرك الجيش السعودي إلى الأردن في البداية، ليكون قريبًا من ميدان الحرب، وفتحت مكاتب التطوع في جميع أنحاء المملكة.
وأشرف الملك بنفسه على عمليات التطوع وتسليم الأسلحة، وتمركزت هذه الفرق التي شارك بها سلمان في محافظة السويس، والتي نجحت في وقف تقدم الجيوش المعادية، وفرض السيادة العربية المصرية على المجرى الملاحي لقناة السويس.
وبعد انتهاء العمليات العسكرية تولى «سلمان» رئاسة لجنة التبرع لمنكوبي السويس، التي جمعت التبرعات من السعوديين؛ لمساعدة المنكوبين ممن هُدمت بيوتهم من أهالي السويس، والإسماعيلية، وبورسعيد.
وللعاهل السعودي، صور نادرة أثناء مشاركته الجيش المصري في هذه الحرب، وكان عمره وقتها نحو 21 عامًا، حيث يقف في الصورة جانب أخواه، واصطفوا بشكل نظامي مرتدين زى الحرس الوطني السعودي، أمام ضابط مصري، يوضح لهم بعض التدريبات العسكرية، كما ضمت الصور لقطة نادرة للملك سلمان، برفقة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
ولم يكن السيسي، هو الرئيس المصري الوحيد، الذي تحدث عن مساندة السعودية لمصر في حربها، ولكن قال عنها الراحل عبد الناصر، في خطاب شهير له بجامع الأزهر: «يوم اتصل بي الملك السعودي تليفونيًا وأكد أن جيش المملكة السعودية تحت تصرف مصر، وأموال المملكة تحت تصرف مصر، وإن السعودية مستعدة تعمل أي شئ وإحنا نطلب منهم هذا».
وكان للملك سلمان، دور حاضر أثناء حرب أكتوبر عام 1973، حيث دعا الدول العربية للمساهمة في دعم المجهود الحربي؛ لمساندة الجنود على الجبهة في معركة الكرامة، وأيضًا تقديم المساعدات العسكرية للجانب المصري، وسارع الأمير بتشكيل اللجنة الشعبية لجمع التبرعات للمجهود الحربي بمصر وسوريا، وعمل على جمع التبرعات من منطقة الرياض التي تولى إمارتها.
ولم تتوقف مساعدات سلمان عند حد الحروب فقط، حيث كان لأمير الرياض دور كبير، وقت وقوع زلزال 1992، الذي هز أرجاء القاهرة، حيث أمر بإرسال الدعم والمساعدات لمصر، وأنشأ الهيئة العليا لجمع التبرعات لمنكوبي الزلزال، ودعا دول الخليج العربي لنجدة المنكوبين من الزلزال.
وتوطدت العلاقات العسكرية بين مصر والسعودية في عهد تولي «سلمان»، وزارة الدفاع، حيث أقيمت أضخم مناورة عسكرية مشتركة بين الجيشين المصري والسعودي لمدة 12 يومًا من 8 إلى 20 مايو 2013، والتي عُرفت باسم «تبوك 3».
وهدفت إلى رفع معدلات كفاءة العناصر المشاركة من الجانبين، وشاركت فيها وحدات من المشاة والمدفعية والمدرعات والدفاع الجوي والوحدات الخاصة، من القوات المسلحة للبلدين، وتعتبر «تبوك 3» الأضخم من حيث حجم القوات المشاركة، منذ أن جرت أولى المناورات في 2008.