رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليابان.. من العزلة إلى المجتمع الكونى


مع زيارة الرئيس السيسى لليابان مؤخرا يطيب لى طرح التساؤل: ألم نراجع أنفسنا كمصريين بل كعرب كيف تقدم الشعب اليابانى من لغة الإبداع وتحقيق تلك الإنجازات.. واليابان دمرتها الحرب وقتلت من شعبها الملايين؟ الجواب: هل لأنهم لم يغرقوا فى الجدل العميق كما نفعل نحن كمصريين وعرب.. أو الجدل حول الأصالة والمعاصرة؟ وقرروا أن يكونوا هم أنفسهم؟ أم أنهم فضلوا العمل على الكلام؟ وأخذوا من الغرب المفيد ونبذوا المظاهر السلبية والهدامة.. واليابانيون فى كل مكان.. هم وشركاتهم ومؤسساتهم ومصانعهم وسلعهم وأموالهم بالوفرة والكثرة ومعداتهم التكنولوجية المتطورة.

ونحن مصريا لم نحقق مسالك النظافة.. ونتحرك.. بالسياسات العشوائية مثل المطبات العشوائية الأسمنتية.. وهلم جرا.. وليتنا نخجل من أنفسنا كمصريين وكعرب ومسلمين.. ونبكى على أحوالنا ونحن أخيب خلق الله.. واليابان شكلت نموذجا اقتصاديا يحتذى به.. بل تغلبت على الغرب ذاته.. ويا سبحان الله اليابان تمكنت من مواجهة قسوة الطبيعة وتهددها الزلازل والبراكين والأعاصير وسكانها نحو 150 مليون نسمة ويعيشون على 400 جزيرة كبيرة وصغيرة ولا تزيد نسبة الأراضى الصالحة فيها على 17%، ورغم ذلك تحولت إلى ثالث دولة فى العالم من حيث الناتج القومى.. وتغزو أسواق العالم بإنتاجها، على الرغم من افتقارها إلى ثروات الطبيعة ومعادنها.. ويا أمة العرب متى نتعلم من نجاحات الآخر واليابان استطاعت التوفيق بين الأصالة والمعاصرة بل واستطاعت المحافظة على حضارتها وثقافتها وشخصيتها القومية والتعامل فى الوقت نفسه مع لغة علوم العصر وأبدعت أهم إنجازات العصر التكنولوجية والعلمية وأصبحت بلدا عملاقا لقيادة العالم.

ويا أمة العرب أقول إن الإنسان اليابانى يعمل لصالح الجماعة وسلوكه وأسلوب حياته بمعايير الجماعة والعقل اليابانى يقيس كل شيء بالقيمة والوزن لارتباط الفرد بالجماعة ونادرا ما نجد ارتفاع صوت الإنسان اليابانى أو يفقد أعصابه ودائما متسلح بالابتسامة وضبط النفس ويسعى لتنمية قدراته.. بل والأسرة داخل اليابان متماسكة والرجل يمثل حياة المجتمع والمرأة هى محور الأسرة والأم فى اليابان هى أم التعليم.. والتعليم سر نجاح اليابان والطفل اليابانى.

يعتمد على الأم ثم يعتمد على روح الجماعة فتصير علاقته بالجماعة مثل علاقته بأمه، انتقال من سلطة الأسرة إلى سلطة الجماعة ونظام التعليم فى اليابان يعتمد على تعليم الطفل ويشجعه على التفكير بل يتعلم الطفل اليابانى فى مجتمع المدرسة قيمة العمل الجماعى وتنظيف المدرسة.. والمرأة اليابانية إنسانة وديعة والمتزوجة لا تجد لها مكانا فى الحياة الاجتماعية إلا فى أضيق الحدود وتقتصر حياتها على الزوج والأبناء والمرأة اليابانية أيضا وصلت لمراكز مهمة فى السياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة والبحث العلمى والمهن الحرة.. فين مجتمع مصر والعرب والإسلام بالنظرة لكيفية تحقيق النجاحات فى المجتمع اليابانى.