رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محلك سر


كانت مصر قديماً تتميز بأنها أرض العلم والمعرفة أرض الحضارات وصاحبة أقدم ثقافة فى العالم وهى الثقافة الفرعونية التى قامت بتصديرها إلى معظم حضارات العالم لكنها مع مرور الزمن لم تستطع الاحتفاظ بهذه المكانة بين دول العالم، بل أصبحت فى ذيل قائمة الدول من حيث العلم والمعرفة والتقدم التكنولوجى وبعد أن كان العالم كله يتعلم منها أصبح لزاماً عليها أن تتعلم هىالأخرى وألا تقف ساكنة فى مكانها وقطار العلم يسابق الزمن.

وتعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى اليابان وهى الدولة الأكثر ثقلاً بين دول العالم اقتصادياً وسياسياً هى الأولى من نوعها لرئيس مصرى إلى اليابان، مُنذ عام 1999وذلك للوقوف على أسباب نهوضها وتقدمها والاحتذاء بها، فرغم ما تعرضت له من محن كانت من الممكن أن تزيلها من على خريطة العالم استطاعت التغلب على مصائبها وكوارثها، والنهوض من كبوتها والسيرفى تقدمها مع الركب الحضارى والمساهمة الفاعلة فى تطور الجنس البشرى كما هى عادتها وقدرها دائماً، وكأن شيئاً لم يكن فاليابان تعد من أكثر الدول تعرضاً للكوارث الطبيعية والبشرية، ففى 11 مارس2011 تعرضت اليابان لزلزال مدمر بلغت قوته8.9 على مقياس ريختر، وكان أحد أخطر عشرة زلازل فى التاريخ، ثم تبعه سونامى أشد تدميراً، جرف المبانى جرفاً وكأنها علب كبريت، كما أحدث تسريباً فى المفاعلات الذرية، وحرائق فى كل مكان غير أنها لم تستلم وواصلت طريقها نحو التقدم.

التجربة اليابانية تجبرنا أن نبحث فيها عن مخرج آمن لوطننا الحبيب من عنق الزجاجة إلى العالم الواسع بقوة فقد أيقنت اليابان أن نهضتها لن تكون سوى بالتركيز على تطوير التعليم وتهيئة المناخ اللازم للبحث العلمى وتقديس روح العمل الجماعى ولم يكن تعداد سكانها الذى بلغ حوالى 127 مليون نسمة عام 2015يمثل أى عقبة أمامها نحو التقدم بل استطاعت أن تستغل هذا التعداد السكانى لصالحها.

التجربة اليابانية هى واقع مدروس ونتائج مبهرة لدولة اعتبرها البعض أنها من كوكب آخر دولة تعرضت لكم هائل من الزلازل والكوارث والقنابل النووية والحروب التى كانت كافية لتدميرها أرضاً وشعباً لكنها استطاعت أن تبنى وتنهض ونحن فى مصـــر مازلنا محلك سر صحيح أننا تعرضنا للعديد من الحروب والثورات والأزمات على مر العصور لكن أزمتنا ليست فى تلك الحروب ولا الثورات ولا الأزمات ولكن أزمتنا الحقيقية فينا فنحن فكل أزمة نتعرض لها تعود بنا إلى الوراء مئات الأميال وكل مايتم إفساده وطمسه من تاريخنا العظيم لا يتم إصلاحه، فأصبحنا نمتطى قطار الزمن ولكن بالعكس يشغلنا فقط الهرولة وراء المتسبب فى الخطأ دون عقاب والجرى وراء الشائعات المغرضة دون إنتاج والبحث عن أخطاء الآخرين دون إصلاح ما أفسدناه والآخرون يتسابقون على نيل شرف الوصول بقطار الزمن إلى كواكب أخرى لا نستطيع الوصول إليها.