رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قانون التأبين الصحى... ننتظركم فى الآخرة !!


فشلت كل المحاولات لوقف زيادة عدد السكان.. بسبب العلاج وارتفاع فى عمر الإنسان.. أدى هذا إلى التفكير عملياً فى مواجهة هذا الارتفاع الكبير.. بل اتخاذ مواقف لوقف هذا النمو السكانى.. كانت لنا ملاحظات عن أداء التأمين الصحى.. كان يجب تطويره وارتفاع مستواه.. فهو يملك 550 مستشفى.. مائة ألف سرير.. عدداً كبيراً من الأطباء.. وأجهزة التمريض.. لكن لم تتخذ مواقف تجاه الفساد المتراكم منذ سنوات فى داخله.. الدعم المالى الموجه إليه محدود.. رفع الاشتراكات مطلوب.. خاصة المادة 18 من الدستور التى نصت على توسيع عدد المشتركين تحت مظلته..لكن ما يحدث الآن من تقديم قانون يحتوى على هدف واحد وهو «العلاج بالأجر»!!...

... هذه هى الكارثة الكبرى التى سوف يتعرض لها كل مواطن فى مصر.. مع تدهور الأوضاع الاجتماعية.. وارتفاع نسبة التضخم والأسعار . انخفضت قيمة الأجور والمعاشات.. أصبح العلاج بالأجر يعنى هدفاً واحداً.. من يملك قيمة العلاج سيتم علاجه .. ومن لا يملك قيمة علاجه سيفقد حياته.. هذا هو هدف قانون «التأبين الصحى» الذى يعد تقديمه الآن إلى البرلمان.. وهو القانون نفسه الذى سبق تقديمه فى زمن «نظام مبارك» عندما قدمه الدكتور «حاتم الجبلى»- وزير الصحة الأسبق- حيث تمت مواجهة هذا القانون داخل مجلس الشعب وقفت كل قطاعات الجماهير ضده.. بل إن أصحاب المعاشات تظاهروا أمام المجلس.. وتم إسقاط القانون وسحبته الحكومة فى ذلك الوقت.. يعود الآن القانون نفسه.. لكن الأوضاع السياسية تغيرت.. وأصبح لدى أنصار صندوقالنقد القوة فى تنفيذ أهم شروط هذا الصندوق اللعين.. الذى يعتبر أن الطبقات الشعبية هى العدو الرئيسى للصندوق وأنصاره.. بل يحمل هذه الطبقات مسئولية زيادة العجز فى الموازنة! المعروف أن صندوق النقد يعادى دائماً هذه الطبقات. وكل شروطه موجهة إلى جميع المواطنين من الطبقة الوسطى حتى أدنى الطبقات.. يحتوى قانون «التأبين الصحى» على مواد حاسمة تربط كل مراحل العلاج بالأجر.. بل ويتخطى ذلك بربط المستشفيات الاستثمارية بعلاج الطبقات الشعبية.. لكن بمقابل مادى هنا يسقط حق المواطن فى العلاج.. ويصبح الدستور ومواده المرتبطة بذلك ما هى إلا مواد ينص عليها . لكنها لا علاقة لها بما نصت عليه!!

لقد حددت مواد قانون «التأبين الصحى» الذى أرسل إلى البرلمان الآن.. بأن كل خطوات العلاج بمقابل مادى.. مع أن المرتبطين بالتأبين الصحى لا يملكون قيمة مواصلات الذهاب إلى مستشفياته نفسها. فكيف يملكون قيمة علاجهم؟! أعلنت نقابة الأطباء رفضها لمشروع القانون، كما أعلنت النقابات المهنية تأييدها لهذا الموقف.. ثم أعلن اتحاد اصحاب المعاشات موقفه الحاسم ضد هذا القانون.. واختفى تماما اتحاد العمال عن إعلان رأيه بعد أن سلم الملايين من عماله إلى طريق مجهول!!

عندما يذهب المواطن المريض للعلاج سيجد أمامه «كابوس» المقابل المادى!! البداية.. قيمة أجر الكشف الطبى عليه.. دفع قيمة أى أشعة بما يصل إلى 200 جنيه.. ثم 150 جنيهاً لأى تحليل.. وبعد ذلك يدفع ما قيمته 100 جنيه قيمة الدواء فى حالة حجزه بالمستشفى يصبح عليه أن يدفع اجر السرير.. وقيمة العمليات الجراحية.. فى حالة علاجه خارج مستشفيات التامين.. يدفع نسبة كبيرة من قيمة علاجه.. يسهم فقط التأبين الصحى فى جانب محدود من النفقات.. إن الأغلبية العظمى من المواطنين المرتبط علاجهم بـ«التأبين الصحى» لا يملكون من «فاتورة» العلاج.. بل إن بعضهم وهم بالملايين لا يملكون قيمة مرحلة واحدة من مراحل العلاج. ما مصيرهم؟!

لقد حدد لنا خبراء وأنصار الصندوق اللعين أعمارنا بأنها لا تتجاوز «الـ 65 عاماً».. ومن يستمر فالحياة بعد ذلك على مسئوليته الشخصية!! أى أن أنصار الصندوق يحملون مسئولية الحياة بعد الـ65 عاماً.. مع أن هذا ليس من اختصاص البشر.. بل هو الله وحده هوالذى يملك هذا الحق.. لكن أنصار الصندوق يريدون التدخل فيما لا يملكون!! يسمون هذا. إنه من فعل الخبراء الاكتواريين..

إن ما يحدث الآن هو «رده» عن كل أحلام وأمانى كل الطبقات الشعبية.. بل إنه يتجاوز الدستور.. وشرع الله. إن علينا أن نواجه هذا الهجوم غير الإنسانى.. بل وغير الأخلاقى.. حيث يتم الاعتداء علينا الآن باستغلال الأحداث السياسية وما يتعرض له الوطن من أخطار.. إنهم يستغلون الفرصة فى انشغال كل مؤسسات الدولة والشعب فى مواجهة أخطار تهدد الوطن. ويعملون الآن على توجيه ضربات مؤلمة للملايين من هذا الشعب.. فى وقت لا توجد دروع تحمى الملايين وتدافع عنها، حيث تقف الآن هذه الملايين عارية وصدورها مكشوفة أمام سهام رماح صندوق النقد..

إننا نتوجه الى كل برلمانى شريف.. وكل مؤسسة وطنية.. وكل الرموز التى تدافع عن الوطن.. أن نقف جميعاً فى مواجهة هذا النوع الجديد من القتل الصامت على كل النقابات المهنية والعمالية.. والأهم من سوف يتعرضون للاغتيال برصاص الصندوق عليهم جميعاً أن يدافعوا عنا.. حيث نتعرض الآن لهجوم باغت من قوى تستغل فينا أعظم ما لدينا من انتماء لهذا الوطن.. على كل ما يحاولون الاعتداء علينا بالقتل الاجتماعى.. أن يعلموا أننا سوف ننتظرهم فى المقابر.. وهناك سيكون الحساب!